وَنَحْوَهَا (أَوْ صَلَّى فِي الْهَوَاءِ، أَوْ فِي أُرْجُوحَةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَقِرِّ الْقَدَمَيْنِ عَلَى الْأَرْضِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُضْطَرًّا) إلَى الصَّلَاةِ كَذَلِكَ (كَالْمَصْلُوبِ) وَالْمَرْبُوطِ لِلْعُذْرِ.
(وَتُكْرَهُ) الصَّلَاةُ (فِي مَقْصُورَةٍ تَحْمِي) لِلسُّلْطَانِ وَحْدَهُ (نَصًّا) قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ إنَّمَا كَرِهَ الْمَقْصُورَةَ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَخْتَصُّ بِالظَّلَمَةِ وَأَبْنَاءِ الدُّنْيَا فَكَرِهَ الِاجْتِمَاعَ بِهِمْ قَالَ وَقِيلَ: كَرِهَهَا لِقُصُورِهَا عَلَى أَتْبَاعِ السُّلْطَانِ وَمَنْعِ غَيْرِهِمْ وَتَصِيرُ كَالْمَوْضِعِ الْغَصْبِ.
(وَيُصَلِّي فِي مَوْضِعٍ نَجِسٍ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ) بِأَنْ حُبِسَ فِيهِ (وَيَسْجُدُ بِالْأَرْضِ وُجُوبًا، إنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ يَابِسَةً) تَقْدِيمًا لِرُكْنِ السُّجُودِ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ وَمُجْمَعٌ عَلَى فَرِيضَتِهِ وَعَلَى عَدَمِ سُقُوطِهِ بِخِلَافِ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ رَطْبَةً (أَوْمَأَ غَايَةَ مَا يُمْكِنُهُ وَجَلَسَ عَلَى قَدَمَيْهِ) لِضَرُورَةِ الْجُلُوسِ (وَلَا يَضَعُ عَلَى الْأَرْضِ غَيْرَهُمَا) أَيْ: غَيْرَ الْقَدَمَيْنِ، لِلِاكْتِفَاءِ بِهِمَا عَمَّا سِوَاهُمَا.
(وَكَذَا مَنْ هُوَ فِي مَاءٍ وَطِينٍ) يُومِئُ كَمَصْلُوبٍ وَمَرْبُوطٍ لِحَدِيثِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» .
(وَلَا تَصِحُّ الْفَرِيضَةُ فِي الْكَعْبَةِ) الْمُشَرَّفَةِ (وَلَا عَلَى ظَهْرِهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: ١٤٤] وَالشَّطْرُ: الْجِهَةُ وَمَنْ صَلَّى فِيهَا أَوْ عَلَى سَطْحِهَا غَيْرَ مُسْتَقْبِلٍ لِجِهَتِهَا، وَلِأَنَّهُ يَكُونُ مُسْتَدْبِرًا مِنْ الْكَعْبَةِ مَا لَوْ اسْتَقْبَلَهُ مِنْهَا وَهُوَ خَارِجُهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى ظَهْرِهَا وَقَدْ وَرَدَ صَرِيحًا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِيمَا سَبَقَ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْمَعْنَى.
وَالْجِدَارُ لَا أَثْرَ لَهُ، إذْ الْمَقْصُودُ الْبُقْعَةُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُصَلِّي لِلْبُقْعَةِ حَيْثُ لَا جِدَارَ (إلَّا إذَا وَقَفَ عَلَى مُنْتَهَاهَا) أَيْ الْكَعْبَةِ - وَفِي نُسَخٍ مُنْتَهَاهُ - أَيْ: الْبَيْتِ الْحَرَامِ أَوْ ظَهْرِهِ (بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ وَرَاءَهُ شَيْءٌ مِنْهَا، أَوْ صَلَّى خَارِجَهَا) أَيْ: الْكَعْبَةِ (وَسَجَدَ فِيهَا) فَيَصِحُّ فَرْضُهُ لِأَنَّهُ مُسْتَقْبِلٌ لِطَائِفَةٍ مِنْ الْكَعْبَةِ غَيْرُ مُسْتَدْبِرٍ لِشَيْءٍ مِنْهَا فَصَحَّتْ كَمَا لَوْ صَلَّى إلَى أَحَدِ أَرْكَانِهَا (وَيَصِحُّ نَذْرُ الصَّلَاةِ فِيهَا) أَيْ: الْكَعْبَةِ (وَعَلَيْهَا) كَالنَّافِلَةِ وَقَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: وَإِنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ فِي الْكَعْبَةِ جَازَ كَمَا لَوْ نَذَرَ الصَّلَاةَ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَإِنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ مُطْلَقًا، اُعْتُبِرَ فِيهَا شُرُوطُ الْفَرِيضَةِ، لِأَنَّ النَّذْرَ الْمُطْلَقَ يُحْذَى بِهِ حَذْوَ الْفَرَائِضِ اهـ.
وَعِبَارَةُ الْمُنْتَهَى: وَتَصِحُّ نَافِلَةٌ وَمَنْذُورَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute