للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهَا مَنْ أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ، وَلَوْ فَاتَ الْوَقْتُ (وَلَا يُعِيدُ) مَنْ صَلَّى فِيهَا لِعُذْرٍ لِصِحَّةِ صَلَاتِهِ وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ زَالَ الْعُذْرُ فِي الْوَقْتِ وَخَرَجَ مِنْهَا، كَالْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ بَعْدَ الصَّلَاةِ (وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ إلَيْهَا) أَيْ: إلَى الْمَقْبَرَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا لِمَا رَوَى أَبُو يَزِيدَ الْغَنَوِيُّ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «لَا تُصَلُّوا إلَى الْقُبُورِ وَلَا تَجْلِسُوا إلَيْهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ قَالَ الْقَاضِي: وَيُقَاسُ عَلَى ذَلِكَ جَمِيعُ مَوَاضِعَ النَّهْيِ، إلَّا الْكَعْبَةَ.

وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْهُ تَعَبُّدٌ، وَشَرْطُ الْقِيَاسِ فَهْمُ الْمَعْنَى (مَا لَمْ يَكُنْ حَائِلٌ وَلَوْ كَمُؤَخِّرَةِ رَحْلٍ، وَلَيْسَ كَسُتْرَةِ الصَّلَاةِ، فَلَا يَكْفِي حَائِطُ الْمَسْجِدِ) جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْمَجْدُ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ لِكَرَاهَةِ السَّلَفِ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدٍ فِي قِبْلَتِهِ حُشٌّ وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَالْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِمَا يَكْفِي حَائِطُ الْمَسْجِدِ وَتَأَوَّلَ ابْنُ عَقِيلٍ النَّصَّ عَلَى سِرَايَةِ النَّجَاسَةِ تَحْتَ مَقَامِ الْمُصَلِّي وَاسْتَحْسَنَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ (وَلَا) يَكْفِي (الْخَطُّ وَنَحْوُهُ) وَلَا مَا دُونَ مُؤَخِّرَةِ رَحْلٍ (بَلْ) الْحَائِلُ هُنَا (كَسُتْرَةِ الْمُتَخَلِّي) فَيُعْتَبَرُ بِمُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ (وَإِنْ غُيِّرَتْ أَمَاكِنُ النَّهْيِ، غَيْرُ الْغَصْبِ بِمَا يُزِيلُ اسْمَهَا، كَجَعْلِ الْحَمَّامِ دَارًا، أَوْ مَسْجِدًا، أَوْ نَبْشِ الْمَوْتَى مَنْ الْمَقْبَرَةِ، وَتَحْوِيلِ عِظَامِهِمْ، وَنَحْوِ ذَلِكَ) .

كَجَعْلِ الْمَزْبَلَةِ أَوْ الْمَجْزَرَةِ دَارًا (صَحَّتْ الصَّلَاةُ فِيهَا) لِأَنَّهَا خَرَجَتْ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ تَكُونَ مَوَاضِعَ النَّهْيِ.

(وَتَصِحُّ) الصَّلَاةُ (فِي أَرْضِ السِّبَاخِ) نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: مَعَ الْكَرَاهَةِ.

(وَ) تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي (الْأَرْضِ الْمَسْخُوطِ عَلَيْهَا، كَأَرْضِ الْخَسْفِ، وَكُلِّ بُقْعَةٍ نَزَلَ بِهَا عَذَابٌ، كَأَرْضِ بَابِلَ وَأَرْضِ الْحِجْرِ وَمَسْجِدِ الضِّرَارِ) لِأَنَّهُ مَوْضِعٌ مَسْخُوطٌ عَلَيْهِ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ مَرَّ بِالْحِجْرِ «لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبِينَ إلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ» .

(وَفِي الْمَدْبَغَةِ وَالرَّحَى وَ) تَصِحَّ الصَّلَاةُ (عَلَيْهَا) أَيْ: عَلَى الرَّحَى (مَعَ الْكَرَاهَةِ فِيهِنَّ) أَيْ: فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ.

(وَ) تَصِحُّ الصَّلَاةُ (عَلَى الثَّلْجِ بِحَائِلٍ أَوْ لَا، إذَا وُجِدَ حَجْمُهُ) لِاسْتِقْرَارِ أَعْضَاءِ السُّجُودِ (وَكَذَا حَشِيشٌ وَقُطْنٌ مُنْتَفِشٌ) تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ إذَا وُجِدَ حَجْمُهُ (وَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَجْمَهُ لَمْ تَصِحَّ) صَلَاتُهُ، لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْجَبْهَةِ عَلَيْهِ.

(وَلَا يُعْتَبَرُ كَوْنُ مَا يُحَاذِي الصَّدْرَ مُسْتَقِرًّا فَلَوْ حَاذَاهُ رَوْزَنَةٌ وَنَحْوُهَا) كَطَاقٍ (صَحَّتْ) صَلَاتُهُ لِأَنَّ الصَّدْرَ لَيْسَ مِنْ أَعْضَاءِ السُّجُودِ (بِخِلَافِ مَا تَحْتَ الْأَعْضَاءِ) أَيْ: الَّتِي يَجِبُ السُّجُودُ عَلَيْهَا فَلَا تَصِحُّ إنْ حَاذَتْ رَوْزَنَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>