للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَهُوَ الشَّرْطُ الثَّامِنُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ) لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ سَبْعَةٌ (فَلَا تَصِحُّ) الصَّلَاةُ (بِدُونِهِ) أَيْ الِاسْتِقْبَالِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: ١٤٤] قَالَ عَلِيٌّ ": شَطْرُهُ قِبَلُهُ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «بَيْنَمَا النَّاسُ بِقُبَاءَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ إذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ: إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ قُرْآنٌ وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا، وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إلَى الشَّامِ فَاسْتَدَارُوا إلَى الْكَعْبَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(إلَّا لِمَعْذُورٍ) عَاجِزٍ عَنْ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ (كَالْتِحَامِ حَرْبٍ) حَالَ الطَّعْنِ وَالْكَرِّ وَالْفَرِّ (وَهَرَبَ مِنْ سَيْلٍ أَوْ) مِنْ (نَارٍ أَوْ) مَنْ (سَبْعٍ وَنَحْوِهِ وَلَوْ) كَانَ الْعُذْرُ (نَادِرًا، كَمَرِيضٍ عَجَزَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الِاسْتِقْبَالِ (وَ) (عَجَزَ عَمَّنْ يُدِيرُهُ إلَيْهَا) أَيْ الْقِبْلَةِ (وَكَمَرْبُوطٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَمَصْلُوبٍ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ (فَتَصِحُّ) صَلَاتُهُمْ (إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ مِنْهُمْ بِلَا إعَادَةٍ) لِأَنَّهُ شَرْطٌ عَجَزُوا عَنْهُ فَسَقَطَ، كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَكَالْقِيَامِ (وَ) إلَّا (لِمُتَنَفِّلٍ رَاكِبٍ وَمَاشٍ فِي سَفَرٍ غَيْرِ مُحَرَّمٍ وَلَا مَكْرُوهٍ وَلَوْ) كَانَ السَّفَرُ (قَصِيرًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: ١١٥] .

قَالَ ابْنُ عُمَرَ نَزَلَتْ فِي التَّطَوُّعِ خَاصَّةً وَلِمَا رَوَى هُوَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُسَبِّحُ عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ يُومِئُ بِرَأْسِهِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِلْبُخَارِيِّ إلَّا الْفَرَائِضَ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ طَوِيلِ السَّفَرِ وَقَصِيرِهِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ فِي التَّطَوُّعِ، لِئَلَّا يُؤَدِّي إلَى تَقْلِيلِهِ أَوْ قَطْعِهِ فَاسْتَوَيَا فِيهِ وَأُلْحِقَ الْمَاشِي بِالرَّاكِبِ، لِأَنَّ الصَّلَاةَ أُبِيحَتْ لِلرَّاكِبِ، لِئَلَّا يَنْقَطِعُ عَنْ الْقَافِلَةِ فِي السَّفَرِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْمَاشِي وَ.

(لَا) يَسْقُطُ الِاسْتِقْبَالُ (إذَا تَنَفَّلَ فِي الْحَضَرِ كَالرَّاكِبِ السَّائِرِ فِي مِصْرِهِ) أَوْ قَرْيَتِهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مُسَافِرًا.

(وَلَا) يَسْقُطُ الِاسْتِقْبَالُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْمُسَافِرُ جِهَةً مُعِينَةً كَ (رَاكِبِ تَعَاسِيفٍ، وَهُوَ رُكُوبُ الْفَلَاةِ وَقَطْعِهَا عَلَى غَيْرِ صَوْبٍ) وَمِنْهُ الْهَائِمُ وَالتَّائِهُ، وَالسَّائِحُ، وَالسَّفَرُ قَطْعُ الْمَسَافَةِ، وَجَمْعُهُ أَسْفَارٌ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُسْفِرُ عَنْ أَخْلَاقِ الرِّجَالِ (فَلَوْ عَدَلَتْ بِهِ) أَيْ الْمُسَافِرُ الَّذِي يَتَطَوَّعُ عَلَى رَاحِلَتِهِ (دَابَّتُهُ عَنْ جِهَةِ سَيْرِهِ) إلَى غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ (لِعَجْزِهِ عَنْهَا أَوْ لِجِمَاحِهَا وَنَحْوِهِ) كَحِرْنِهَا، وَطَالَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ وَإِنْ قَصُرَ لَمْ تَبْطُلْ (أَوْ عَدَلَ هُوَ) أَيْ الْمُسَافِرُ (إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ غَفْلَةً أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>