(فَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ وَاعْتَرَفَ) بِذَلِكَ (رَجَعَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ بِنِصْفِهِ) الَّذِي أَدَّاهُ عَنْهُ إنْ نَوَى الرُّجُوعَ.
(وَإِنْ أَنْكَرَ) الْغَائِبُ ذَلِكَ (فَقَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ) مَعَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ (وَإِنْ كَانَ الْحَاضِرُ أَنْكَرَ) ذَلِكَ (فَقَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ) لِحَدِيثِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» (فَإِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) بِالدَّعْوَى (فَاسْتَوْفَى) الْمُدَّعِي (الْأَلْفَ مِنْهُ لَمْ يَرْجِعْ) الْغَارِمُ (عَلَى الْغَائِبِ بِشَيْءٍ) لِإِقْرَارِهِ أَنْ لَا حَقَّ عَلَيْهِمَا وَإِنَّمَا الْمُدَّعِي ظَلَمَهُ (فَإِنْ اعْتَرَفَ الْغَائِبُ) بِمَا عَلَيْهِ.
(وَرَجَعَ الْحَاضِرُ عَنْ إنْكَارِهِ فَلَهُ) أَيْ: لِلْحَاضِرِ (الِاسْتِيفَاءُ مِنْهُ) أَيْ: الرُّجُوعُ عَلَى الْغَائِبِ بِمَا غَرِمَهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ حَقًّا يَعْتَرِفُ لَهُ بِهِ (وَإِنْ لَمْ تَقُمْ عَلَى الْحَاضِرِ بَيِّنَةٌ) بِمَا ادَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْأَلْفِ أَصَالَةً وَضَمَانًا حَلَفَ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ (وَبَرِئَ) أَيْ: انْقَطَعَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي، (فَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ، فَإِنْ أَنْكَرَ مَا كَانَ) ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ مِنْ الْأَصَالَةِ وَالضَّمَانِ (وَحَلَفَ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ بَرِئَ) أَيْ: انْقَطَعَتْ الْخُصُومَةُ مَعَهُ.
(وَإِنْ اعْتَرَفَ) بِالدَّعْوَى (لَزِمَهُ دَفْعُ الْأَلْفِ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِاعْتِرَافِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْحَاضِرِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ مِنْ الْحَاضِرِ بَعْدُ.
(وَإِنْ ادَّعَى الضَّامِنُ: أَنَّهُ قَضَى الدَّيْنَ) عَنْ الْمَضْمُونِ (وَأَنْكَرَ الْمَضْمُونُ لَهُ) ذَلِكَ (وَلَا بَيِّنَةَ) لِلضَّامِنِ بِالْقَضَاءِ (وَحَلَفَ) الْمَضْمُونُ لَهُ أَنَّ الضَّامِنَ لَمْ يَقْضِهِ (لَمْ يَرْجِعْ ضَامِنٌ عَلَى مَضْمُونٍ عَنْهُ) وَلَوْ أَذِنَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْهُ إلَّا فِي قَضَاءٍ مُبْرِئٍ وَلَمْ يُوجَدْ وَلِلْمَضْمُونِ لَهُ مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ وَالْأَصِيلِ.
(وَلَوْ صَدَّقَهُ) أَيْ: صَدَّقَ الْمَضْمُونَ عَنْهُ الضَّامِنُ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الرُّجُوعِ تَفْرِيطُ الضَّامِنِ، حَيْثُ إنَّهُ قَضَى بِغَيْرِ بَيِّنَةٌ، وَذَلِكَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ التَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ فَإِنْ اسْتَوْفَى مَضْمُونٌ لَهُ الْحَقَّ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الضَّامِنِ رَجَعَ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ بِمَا قَضَاهُ عَنْهُ ثَانِيًا لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ بِهِ ظَاهِرًا قَالَهُ الْقَاضِي وَرَجَّحَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَفِيهِ وَجْهٌ وَيَرْجِعُ بِالْأَوَّلِ؛ لِلْبَرَاءَةِ بِهِ بَاطِنًا (إلَّا أَنْ يَكُونَ) قَضَاءُ الضَّامِنِ الدَّيْنَ (بِحَضْرَتِهِ) أَيْ: حَضْرَةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ فَلِلضَّامِنِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُفَرِّطُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ (أَوْ) إلَّا إنْ ثَبَتَ الْقَضَاءُ (بِإِشْهَادٍ) بِأَنْ أَشْهَدَ الضَّامِنُ بَيِّنَةً عَادِلَةً فَلَهُ الرُّجُوعُ.
(وَلَوْ مَاتَ الشُّهُودُ أَوْ غَابُوا إنْ صَدَّقَهُ الْمَضْمُونُ عَنْهُ) أَنَّهُ أَشْهَدَ (أَوْ ثَبَتَ) لِأَنَّ الضَّامِنَ لَمْ يُقَصِّرْ وَلَمْ يُفَرِّطْ وَإِنْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ مَرْدُودَةً بِأَمْرٍ ظَاهِرٍ كَالْكُفْرِ وَالْفِسْقِ الظَّاهِرِ لَمْ يَرْجِعْ الضَّامِنُ مُطْلَقًا لِتَفْرِيطِهِ وَإِنْ رُدَّتْ بِأَمْرٍ خَفِيٍّ كَالْفِسْقِ الْبَاطِنِ، أَوْ؛ لِكَوْنِ الشَّهَادَةِ مُخْتَلَفًا فِيهَا كَشَهَادَةِ الْعَبِيدِ فَاحْتِمَالَانِ وَكَذَا شَاهِدٌ وَاحِدٌ.
(وَإِنْ اعْتَرَفَ الْمَضْمُونُ لَهُ بِالْقَضَاءِ) أَيْ: الِاسْتِيفَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute