للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رِجْلٌ وَاحِدَةٌ لَمْ يَبْقَ مِنْ فَرْضِ) الرِّجْلِ (الْأُخْرَى شَيْءٌ) فَلَبِسَ مَا يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ فِي الْبَاقِيَةِ جَازَ لَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سَاتِرٌ لِفَرْضِهِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَبِسَ خُفًّا فِي إحْدَى رِجْلَيْهِ مَعَ بَقَاءِ الْأُخْرَى أَوْ بَعْضِهَا، وَأَرَادَ الْمَسْحَ عَلَيْهِ، وَغَسَلَ الْأُخْرَى أَوْ بَعْضَهَا، وَأَرَادَ الْمَسْحَ عَلَيْهِ وَغَسَلَ الْأُخْرَى أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ، بَلْ يَجِبُ غَسْلُ مَا فِي الْخُفِّ تَبَعًا لِلَّتِي غَسَلَهَا لِئَلَّا يَجْمَعَ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ.

(وَ) حَتَّى (لِمُسْتَحَاضَةٍ وَنَحْوِهَا) ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْعُذْرِ أَحَقُّ بِالتَّرَخُّصِ مِنْ غَيْرِهِ وَطَهَارَتُهَا كَامِلَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا، بَلْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا تَرْفَعُ الْحَدَثَ (إلَّا لِمُحْرِمٍ لَبِسَهُمَا) أَيْ: الْخُفَّيْنِ (وَلَوْ لِحَاجَةٍ) كَعَدَمِ النَّعْلَيْنِ، فَلَا يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا كَمَا لَوْ لَبِسَتْ الْمَرْأَةُ الْعِمَامَةَ لِحَاجَةِ بَرْدٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقِيلَ يَجُوزُ وَهُوَ أَظْهَرُ.

قَالَ الْمُنَقِّحُ فِي حَاشِيَةِ التَّنْقِيحِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، لِإِطْلَاقِهِمْ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَلَمْ يَسْتَثْنُوا أَحَدًا وَلَمْ أَرَ الْمَسْأَلَةَ إلَّا فِي الْفُرُوعِ وَعِنْدَهُ تَحْقِيقٌ انْتَهَى قُلْتُ قَدْ يُقَالُ: قَوْلُ الْأَصْحَابِ فِي اشْتِرَاطِ الْمَسْحِ إبَاحَةَ الْخُفِّ مُطْلَقًا يَمْنَعُ قَوْلَهُ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّ الْخُفَّ لَا يُبَاحُ لِلْمُحْرِمِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، بَلْ لِلْحَاجَةِ، فَهُوَ كَخُفٍّ مِنْ حَرِيرٍ لِضَرُورَةٍ.

(وَيَصِحُّ) الْمَسْحُ (عَلَى عَمَائِمِ ذُكُورٍ) لِقَوْلِ عُمَرَ بْنِ أُمَيَّةَ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ عَلَى عِمَامَتِهِ وَخُفَّيْهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ «تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَرَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ» وَبِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَنَسٌ وَأَبُو أُمَامَةَ رَوَى الْخَلَّالُ عَنْ عُمَرَ مَنْ لَمْ يُطَهِّرْهُ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ فَلَا طَهَّرَهُ اللَّهُ.

(وَ) يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَى (جَبَائِرَ، جَمْعُ جَبِيرَةٍ وَهِيَ أَخْشَابٌ أَوْ نَحْوُهَا تُرْبَطُ عَلَى الْكَسْرِ أَوْ نَحْوِهِ) كَالْجُرْحِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ تَفَاؤُلًا، لِحَدِيثِ جَابِرٍ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَاحِبِ الشَّجَّةِ «إنَّمَا يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْضُدَ أَوْ يَعْصِبَ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً وَيَمْسَحَ عَلَيْهَا، وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ.

(وَ) يَصِحُّ الْمَسْحُ أَيْضًا (عَلَى خُمُرِ النِّسَاءِ الْمُدَارَةِ تَحْتَ حُلُوقِهِنَّ) ؛ لِأَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ كَانَتْ تَمْسَحُ عَلَى خِمَارِهَا، ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «امْسَحُوا عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَلِأَنَّهُ سَاتِرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>