للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيْ: الْمُسْتَطِيعُ (الصَّحِيحُ) فِي بَدَنِهِ مِنْ الْمَرَضِ وَالْعَمَى وَالْعَرَجِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} [الفتح: ١٧] .

؛ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَعْذَارَ تَمْنَعُ مِنْ الْجِهَادِ (الْوَاجِدِ بِمِلْكٍ أَوْ بَذْلِ إمَامٍ، أَوْ نَائِبِهِ - لِزَادِهِ، وَمَا يَحْمِلُهُ إذَا كَانَ) السَّفَرُ (مَسَافَةَ قَصْرٍ وَلِمَا يَكْفِي أَهْلَهُ فِي غَيْبَتِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ٩١] {وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا} [التوبة: ٩٢] ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ إلَّا بِآلَةٍ فَاعْتُبِرَتْ الْقُدْرَةُ عَلَيْهَا كَالْحَجِّ وَلَا تُعْتَبَرُ الرَّاحِلَةُ مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ كَالْحَجِّ وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فَاضِلًا عَنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ وَأُجْرَةِ مَسْكَنِهِ وَحَوَائِجِهِ، كَالْحَجِّ وَإِنْ بَذَلَ لَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ وَنَائِبِهِ مَا يُجَاهِدُ بِهِ لَمْ يَصِرْ مُسْتَطِيعًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ.

(وَلَا يَجِبُ) الْجِهَادُ (عَلَى أُنْثَى وَلَا خُنْثَى، وَلَا عَبْدٍ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ) سَيِّدُهُ (وَلَا صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ، وَلَا ضَعِيفٍ، وَلَا مَرِيضٍ مَرَضًا شَدِيدًا) لِمَا تَقَدَّمَ وَ (لَا) يَسْقُطُ وُجُوبُهُ بِالْمَرَضِ إنْ كَانَ (يَسِيرًا، لَا يَمْنَعُهُ) أَيْ: الْجِهَادَ (كَوَجَعِ ضِرْسٍ وَصُدَاعٍ خَفِيفٍ وَنَحْوِهِمَا) كَالْعَوَرِ.

(وَلَا) يَجِبُ (عَلَى فَقِيرٍ، وَلَا كَافِرٍ وَلَا أَعْمَى وَلَا أَعْرَجَ وَلَا أَشَلَّ وَلَا أَقْطَعَ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ وَلَا مَنْ أَكْثَرُ أَصَابِعِهِ ذَاهِبَةٌ، أَوْ إبْهَامُ يَدِهِ) ذَاهِبَةٌ (أَوْ) قُطِعَ مِنْهُ (مَا يَذْهَبُ بِذَهَابِهِ نَفْعُ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَيُؤْخَذُ بَيَانُ ذَلِكَ مِنْ الْكَفَّارَةِ (وَيَلْزَمُ) الْجِهَادُ (الْأَعْوَرَ وَالْأَعْشَى وَهُوَ الَّذِي يُبْصِرُ بِالنَّهَارِ فَقَطْ) أَيْ: دُونَ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْجِهَادَ.

(قَالَ الشَّيْخُ الْأَمْرُ بِالْجِهَادِ) أَعْنِي: الْجِهَادَ الْمَأْمُورَ بِهِ (مِنْهُ مَا يَكُونُ بِالْقَلْبِ) كَالْعَزْمِ عَلَيْهِ.

(وَالدَّعْوَةِ) إلَى الْإِسْلَامِ وَشَرَائِعِهِ (وَالْحُجَّةِ) أَيْ: إقَامَتِهَا عَلَى الْمُبْطِلِ (وَالْبَيَانِ) أَيْ: بَيَانِ الْحَقِّ وَإِزَالَةِ الشُّبْهَةِ (وَالرَّأْيِ وَالتَّدْبِيرِ) فِيمَا فِيهِ نَفْعُ الْمُسْلِمِينَ (وَالْبَدَنِ) أَيْ: الْقِتَالِ بِنَفْسِهِ (فَيَجِبُ) الْجِهَادُ (بِغَايَةِ مَا يُمْكِنُهُ) مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ قُلْت: وَمِنْهُ هَجْوُ الْكُفَّارِ كَمَا كَانَ حَسَّانُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَهْجُو أَعْدَاءَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

(وَأَقَلُّ مَا يُفْعَلُ) الْجِهَادُ (مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ: كُلَّ عَامٍ مَرَّةً) ؛ لِأَنَّ الْجِزْيَةَ تَجِبُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ مَرَّةً فِي الْعَامِ وَهُوَ بَدَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>