للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَرْوَاحِهِمْ، وَشَهِيدُ الْبَرِّ يُغْفَرُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا الدَّيْنَ، وَشَهِيدُ الْبَحْرِ يُغْفَرُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَالدَّيْنُ» وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ؛ وَلِأَنَّهُ أَعْظَمُ خَطَرًا وَمَشَقَّةً، لِكَوْنِهِ بَيْنَ خَطَرِ الْعَدُوِّ وَالْغَرَقِ، وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْفِرَارِ إلَّا مَعَ أَصْحَابِهِ فَكَانَ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ.

(وَالْجِهَادُ مِنْ السِّيَاحَةِ) الْمَرْغُوبِ فِيهَا (وَأَمَّا السِّيَاحَةُ فِي الْأَرْضِ لَا لِمَقْصُودٍ) شَرْعِيٍّ (وَلَا إلَى مَكَان مَعْرُوفٍ فَمَكْرُوهَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْعَبَثِ.

(وَيُغْزَى مَعَ كُلِّ أَمِيرٍ بَرٍّ وَفَاجِرٍ يَحْفَظَانِ الْمُسْلِمِينَ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «الْجِهَادُ وَاجِبٌ عَلَيْكُمْ مَعَ كُلِّ أَمِيرٍ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وَفِي الصَّحِيحِ «إنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ» ؛ وَلِأَنَّ تَرْكَهُ مَعَ الْفَاجِرِ يُفْضِي إلَى تَرْكِهِ وَظُهُورِ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَاسْتِئْصَالِهِمْ، وَإِعْلَاءِ كَلِمَةِ الْكُفْرِ.

(وَلَا يَكُونُ) الْأَمِيرُ (مَخْذُولًا وَلَا مُرْجِفًا، وَلَا مَعْرُوفًا بِالْهَزِيمَةِ وَتَضْيِيعِ الْمُسْلِمِينَ) لِعَدَمِ الْمَقْصُودِ مِنْ حِفْظِهِ الْمُسْلِمِينَ (وَلَوْ عُرِفَ بِالْغُلُولِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ، إنَّمَا ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ) أَيْ: إثْمُهُ عَلَيْهِ، لَا يَتَعَدَّاهُ إلَى غَيْرِهِ، فَلَا يُمْنَعُ الْغَزْوُ مَعَهُ (وَيُقَدَّمُ الْقَوِيُّ مِنْهُمَا) أَيْ: مِنْ الْأَمِيرَيْنِ نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لِلْمُسْلِمِينَ.

(وَيُسْتَحَبُّ تَشْيِيعِ غَازٍ مَاشِيًا إذَا خَرَجَ) إلَى الْغَزْوِ (وَلَا بَأْسَ بِخَلْعِ نَعْلِهِ) أَيْ: الْمُشَيِّعِ (لِتُغَبَّرَ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَعَلَهُ أَحْمَدُ) فَشَيَّعَ أَبَا الْحَارِثِ الصَّائِغَ وَنَعْلَاهُ فِي يَدِهِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ شَيَّعَ يَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ حِينَ بَعَثَهُ إلَى الشَّامِ، وَيَزِيدُ رَاكِبٌ وَأَبُو بَكْرٍ يَمْشِي فَقَالَ لَهُ: مَا تُرِيدُ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، إمَّا أَنْ تَرْكَبَ وَإِمَّا أَنْ أَنْزِلَ أَنَا فَأَمْشِيَ مَعَك فَقَالَ: لَا أَرْكَبُ، وَلَا تَنْزِلُ إنِّي أَحْتَسِبُ خُطَايَ هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " وَشَيَّعَ عَلِيٌّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَلَمْ يَتَلَقَّهُ.

وَفِي الْخَبَرِ «مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» (وَلَا يُسْتَحَبُّ تَلَقِّيهِ) أَيْ: الْغَازِي؛ لِأَنَّهُ تَهْنِئَةٌ لَهُ بِالسَّلَامَةِ مِنْ الشَّهَادَةِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ:، وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ حَجٌّ وَإِنَّهُ يَقْصِدُهُ لِلسَّلَامِ (وَفِي الْفُنُونِ: تَحْسُنُ التَّهْنِئَةُ بِالْقُدُومِ لِلْمُسَافِرِ) كَالْمَرْضَى، تَحْسُنُ تَهْنِئَةُ كُلٍّ مِنْهُمْ بِسَلَامَتِهِ.

(وَفِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِأَبِي الْمَعَالِي) أَسْعَدَ وَيُسَمَّى: مُحَمَّدًا وَجِيهَ الدِّينِ بْنَ الْمُنَجَّى بْنِ بَرَكَاتٍ (تُسْتَحَبُّ زِيَارَةُ الْقَادِمِ، وَمُعَانَقَتُهُ وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ) وَنُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ فِي حَجٍّ لَا إلَّا إنْ كَانَ قَصَدَهُ، أَوْ ذَا عِلْمٍ أَوْ هَاشِمِيًّا، أَوْ يُخَافُ شَرُّهُ وَنَقَلَ ابْنَاهُ: أَنَّهُ قَالَ لَهُمَا: اُكْتُبَا لِي اسْمَ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْنَا مِمَّنْ حَجَّ حَتَّى إذَا قَدِمَ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ قَالَ الْقَاضِي جَعَلَهُ مُقَابَلَةً وَلَمْ يَسْتَحِبَّ أَنْ يَبْدَأَهُمْ قَالَ: ابْنُ عَقِيلٍ مَحْمُولٌ عَلَى صِيَانَةِ الْعِلْمِ لَا عَلَى الْكِبْرِ.

(وَذَكَرَ) أَبُو بَكْرٍ (الْآجُرِّيُّ: اسْتِحْبَابَ

<<  <  ج: ص:  >  >>