التَّبْيِيتِ (مَنْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ مِنْ امْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ وَغَيْرِهِمَا) كَمَجْنُونٍ وَشَيْخٍ فَانٍ، إذَا لَمْ يُقْصَدُوا لِحَدِيثِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ قَالَ: «سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسْأَلُ عَنْ دِيَارِ الْمُشْرِكِينَ يُبَيَّتُونَ فَيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ؟ فَقَالَ: هُمْ مِنْهُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَكَذَا قَتْلُهُمْ) أَيْ: الْكُفَّارِ (فِي مَطْمُورَةٍ إذَا لَمْ يَقْصِدْهُمْ) أَيْ: النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ وَنَحْوَهُمْ.
(وَ) يَجُوزُ أَيْضًا (رَمْيُهُمْ بِالْمَنْجَنِيقِ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَصَبَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَى أَهْلِ الطَّائِفِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مُرْسَلًا وَنَصَبَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عَلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّة؛ وَلِأَنَّ الرَّمْيَ بِهِ مُعْتَادٌ كَالسِّهَامِ، وَسَوَاءٌ مَعَ الْحَاجَةِ وَعَدَمِهَا.
(وَ) يَجُوزُ (قَطْعُ الْمِيَاهِ عَنْهُمْ وَ) قَطْعُ (السَّابِلَةِ) عَنْهُمْ (وَإِنْ تَضَمَّنَ ذَلِكَ قَتْلَ الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ) ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى التَّبْيِيتِ السَّابِقِ فِيهِ حَدِيثُ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ إضْعَافُهُمْ وَإِرْهَابُهُمْ لِيُجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ.
(وَ) يَجُوزُ (الْإِغَارَةُ عَلَى عَلَّافِيهِمْ وَحَطَّابِيهِمْ وَنَحْوِهِ) أَيْ: نَحْوِ مَا ذُكِرَ مِمَّا فِيهِ إضْعَافٌ وَإِرْهَابٌ لَهُمْ.
(وَلَا يَجُوزُ إحْرَاقُ نَحْلِهِمْ) بِالْمُهْمَلَةِ (وَلَا تَغْرِيقُهُ) لِمَا رَوَى مَكْحُولٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْصَى أَبَا هُرَيْرَةَ بِأَشْيَاءَ قَالَ: «إذَا غَزَوْت، فَلَا تُحَرِّقْ نَحْلًا، وَلَا تُغْرِقْهُ» وَرَوَى مَالِكٌ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِيَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ نَحْوَهُ؛ وَلِأَنَّ قَتْلَهُ فَسَادٌ، فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا} [البقرة: ٢٠٥] الْآيَةَ؛ وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ ذُو رُوحٍ فَلَمْ يَجُزْ إهْلَاكُهُ لِيَغِيظَهُمْ، كَنِسَائِهِمْ.
(وَيَجُوزُ أَخْذُ الْعَسَلِ وَأَكْلُهُ) ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ (وَ) يَجُوزُ (أَخْذُ شَهْدِهِ كُلِّهِ، بِحَيْثُ لَا يَتْرُكُ لِلنَّحْلِ شَيْئًا فِيهِ) ؛ لِأَنَّ الشَّهْدَ مِنْ الطَّعَامِ الْمُبَاحِ، وَهَلَاكُ النَّحْلِ بِأَخْذِ جَمِيعِهِ يَحْصُلُ ضِمْنًا غَيْرُ مَقْصُودٍ فَأَشْبَهَ قَتْلَ النِّسَاءِ وَالذَّرَارِيِّ فِي الْبَيَاتِ (وَالْأَوْلَى أَنْ يَتْرُكَ لَهُ) أَيْ: لِلنَّحْلِ (شَيْئًا) مِنْ الشَّهْدِ لِيَبْقَى بِهِ.
(وَلَا يَجُوزُ عَقْرُ دَوَابِّهِمْ، وَلَوْ شَاةً) لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَتْلِ الْحَيَوَانِ صَبْرًا وَقَوْلِ الصِّدِّيقِ لِيَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فِي وَصِيَّتِهِ: " وَلَا تَعْقِرَنَّ شَجَرًا مُثْمِرًا، وَلَا دَابَّةً عَجْمَاءَ وَلَا شَاةً إلَّا لِمَأْكَلَةٍ " (أَوْ مِنْ دَوَابِّ قِتَالِهِمْ) ، فَلَا يَجُوزُ عَقْرُهَا لِمَا تَقَدَّمَ (إلَّا حَالَ قِتَالِهِمْ) ، فَيَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ،؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ إذْ قَتْلُ بَهَائِمِهِمْ مِمَّا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى قَتْلِهِمْ وَهَزِيمَتِهِمْ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ (أَوْ لِأَكْلٍ يُحْتَاجُ إلَيْهِ) فَيُبَاحُ قَتْلُهَا لِذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ الصِّدِّيقِ " إلَّا لِمَأْكَلَةٍ "؛ وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ تُبِيحُ مَالَ الْمَعْصُومِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute