للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي أَيْدِي الْغَانِمِينَ.

(وَمَتَى صَارَ لَنَا رَقِيقًا مَحْكُومًا بِكُفْرِهِ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى) وَخُنْثَى (وَبَالِغٍ وَصَغِيرٍ) مُمَيِّزٍ أَوْ دُونَهُ (حَرُمَ مُفَادَاتُهُ بِمَالٍ وَبَيْعُهُ لِكَافِرٍ ذِمِّيٍّ وَ) كَافِرٍ (غَيْرَهُ) أَيْ: غَيْرِ ذِمِّيٍّ كَمُسْتَأْمَنٍ وَمُعَاهَدٍ (وَلَمْ يَصِحَّ) بَيْعُهُ لَهُمْ قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْ يَشْتَرُوا مِمَّا سَبَى الْمُسْلِمُونَ قَالَ وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَنْهَى عَنْهُ أُمَرَاءَ الْأَمْصَارِ هَكَذَا حَكَى أَهْلُ الشَّامِ اهـ وَلِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيتًا لِلْإِسْلَامِ الَّذِي يُظْهِرُ وُجُودَهُ إذَا بَقِيَ مُخَالِطًا لِلْمُسْلِمِينَ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ رَقِيقًا لِكَافِرٍ.

(وَتَجُوزُ مُفَادَاتُهُ) أَيْ: الْمُسْتَرَقِّ مِنْهُمْ (بِمُسْلِمٍ) لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ لِتَخْلِيصِ الْمُسْلِمِ (وَيُفْدَى الْأَسِيرُ الْمُسْلِمُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) لِمَا رَوَى سَعِيدٌ بِإِسْنَادِهِ عَنْ حِبَّانَ بْنِ أَبِي جَبَلَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي فَيْئِهِمْ أَنْ يُفَادُوا أَسِيرَهُمْ وَيُؤَدُّوا عَنْ غَارِمِهِمْ» ؛ وَلِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا مِنْ أَهَمِّهَا.

(وَإِنْ تَعَذَّرَ) فِدَاؤُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِمَنْعٍ أَوْ نَحْوِهِ (فَمِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ) فَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ لِحَدِيثِ «أَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَعُودُوا الْمَرِيضَ، وَفُكُّوا الْعَانِيَ» .

(وَلَا يُرَدُّ) الْأَسِيرُ الْمُسْلِمُ (إلَى بِلَادِ الْعَدُوِّ بِحَالٍ) ؛ لِأَنَّهُ تَسْلِيطٌ لَهُمْ عَلَيْهِ.

(وَلَا يُفْدَى) الْأَسِيرُ (بِخَيْلٍ وَلَا سِلَاحٍ) ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَيْنَا (وَلَا بِمُكَاتَبٍ وَأُمِّ وَلَدٍ) لِانْعِقَادِ سَبَبِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِمَا (بَلْ) يُفَادَى (بِثِيَابٍ وَنَحْوِهَا) مِنْ الْعُرُوضِ، وَالنُّقُودِ.

(وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ قَتْلُ مَنْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِرِقِّهِ) ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ أَشَدُّ مِنْ الرِّقِّ وَفِيهِ إتْلَافُ الْغَنِيمَةِ عَلَى الْغَانِمِينَ وَكَمَا لَوْ حَكَمَ الْإِمَامُ بِرِقِّ إنْسَانٍ لَيْسَ لَهُ قَتْلُهُ بَعْدُ.

(وَلَا رِقُّ مَنْ حَكَمَ بِقَتْلِهِ) أَيْ: لَيْسَ لِلْإِمَامِ رِقُّ مَنْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِقَتْلِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِمَّنْ يُخَافُ مِنْ بَقَائِهِ النِّكَايَةُ فِي الْمُسْلِمِينَ وَدُخُولُ الضَّرَرِ عَلَيْهِمْ (وَلَا رِقُّ وَلَا قَتْلُ مَنْ حَكَمَ بِفِدَائِهِ) أَيْ: لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَرِقَّ، وَلَا أَنْ يَقْتُلَ مَنْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِفِدَائِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَنْ حَكَمَ هُوَ بِفِدَائِهِ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ وَالرِّقَّ أَشَدُّ مِنْ الْفِدَاءِ، وَيَكُونُ نَقْضًا لِلْحُكْمِ بَعْدَ لُزُومِهِ.

(وَلَهُ) أَيْ: الْإِمَامِ (الْمَنُّ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورِينَ) أَيْ: مَنْ حَكَمَ بِقَتْلِهِ وَرِقِّهِ وَمُفَادَاتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَنَّ أَخَفُّ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَإِذَا رَآهُ الْإِمَامُ مَصْلَحَةً جَازَ لَهُ فِعْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَتَمُّ نَظَرًا، وَكَمَا لَوْ رَآهُ ابْتِدَاءً (وَلَهُ) أَيْ: لِلْإِمَامِ (قَبُولُ الْفِدَاءِ مِمَّنْ حَكَمَ) هُوَ أَوْ غَيْرُهُ (بِقَتْلِهِ أَوْ رِقِّهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ مِنْهُمَا؛ وَلِأَنَّهُ نَقْضٌ لِلْحُكْمِ بِرِضَا الْمَحْكُومِ لَهُ؛ وَلِأَنَّهُمَا حَقُّ الْإِمَامِ فَإِذَا رَضِيَ بِتَرْكِهِمَا إلَى غَيْرِهِمَا جَازَ.

(وَمَتَى حَكَمَ) إمَامٌ وَغَيْرُهُ (بِرِقٍّ أَوْ فِدَاءٍ ثُمَّ أَسْلَمَ) مَحْكُومٌ عَلَيْهِ (فَحُكْمُهُ بِحَالِهِ لَا يُنْقَضُ) لِوُقُوعِهِ لَازِمًا.

(وَلَوْ اشْتَرَاهُ) أَيْ: الْأَسِيرَ (أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>