عَلَيْهِ.
(وَإِنْ نَزَلُوا) أَيْ: أَهْلُ الْحِصْنِ (عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ عَيَّنُوهُ، وَرَضِيَهُ الْإِمَامُ جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمَّا حَاصَرَ بَنِي قُرَيْظَةَ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَأَجَابَهُمْ إلَى ذَلِكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ (إذَا كَانَ) الَّذِي نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ (مُسْلِمًا حُرًّا بَالِغًا عَاقِلًا ذَكَرًا عَدْلًا مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فِي الْجِهَادِ) ؛ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ أَشْبَهَ وِلَايَةَ الْقَضَاءِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ الَّتِي لَا تَعَلُّقَ لَهَا فِي الْجِهَادِ، لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ إذَنْ (وَلَوْ أَعْمَى) ، فَلَا يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اُعْتُبِرَ فِي الْقَاضِي لِيَعْرِفَ الْمُدَّعِيَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالشَّاهِدَ مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ.
(وَيُعْتَبَرُ لَهُ مِنْ الْفِقْهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْحُكْمِ) لَدَى الْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَإِنْ كَانَا) أَيْ: اللَّذَانِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِمَا (اثْنَيْنِ جَازَ) ذَلِكَ (وَيَكُونُ الْحُكْمُ مَا اجْتَمَعَا عَلَيْهِ) دُونَ مَا انْفَرَدَ بِهِ أَحَدُهُمَا (وَإِنْ جَعَلُوا الْحُكْمَ إلَى رَجُلٍ يُعَيِّنُهُ الْإِمَامُ جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَخْتَارُ الْأَصْلَحَ.
(وَإِنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَجُلٍ مِنْهُمْ) لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ نُفُوذِ حُكْمِهِ (أَوْ جَعَلُوا التَّعْيِينَ إلَيْهِمْ لَمْ يَجُزْ) ؛ لِأَنَّهُمْ رُبَّمَا اخْتَارُوا غَيْرَ الْأَصْلَحَ (وَإِنْ مَاتَ مَنْ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ، ثُمَّ اتَّفَقُوا عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ يَصْلُحُ قَامَ مَقَامَهُ) كَمَا لَوْ عَيَّنُوهُ ابْتِدَاءً.
(وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقُوا) مَعَ الْإِمَامِ (وَطَلَبُوا حَكَمًا لَا يَصْلُحُ رُدُّوا إلَى مَأْمَنِهِمْ وَكَانُوا عَلَى الْحِصَارِ حَتَّى يَتَّفِقُوا) مَعَ الْإِمَامِ عَلَى مَنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ (وَكَذَلِكَ إنْ رَضُوا بِاثْنَيْنِ) يَنْزِلُونَ عَلَى حُكْمِهِمَا (فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَاتَّفَقُوا عَلَى مَنْ يَقُومُ مُقَامَهُ جَازَ) حَيْثُ كَانَ أَهْلًا (وَإِلَّا رُدُّوا إلَى مَأْمَنِهِمْ) حَتَّى يَتَّفِقُوا عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ يَصْلُحُ.
(وَكَذَلِكَ إنْ رَضُوا بِتَحْكِيمِ مَنْ لَا تَجْتَمِعُ الشَّرَائِطُ فِيهِ وَوَافَقَهُمْ الْإِمَامُ عَلَيْهِ) لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ (ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ) لِفَقْدِ شَيْءٍ مِنْ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ (لَمْ يُحَكَّمْ، وَيُرَدُّونَ إلَى مَأْمَنِهِمْ كَمَا كَانُوا) حَتَّى يَتَّفِقُوا عَلَى مَنْ يَصْلُحُ.
(وَلَا يَحْكُمُ) مَنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ (إلَّا بِمَا فِيهِ حَظٌّ لِلْمُسْلِمِينَ) ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْإِمَامِ، فَقَامَ مُقَامَهُ فِي اخْتِيَارِ الْأَحَظِّ كَهُوَ فِي الْأَسْرَى، وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَحُكْمُهُ لَازِمٌ (مِنْ الْقَتْلِ وَالسَّبْي) ؛ لِأَنَّ سَعْدًا حَكَمَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ بِقَتْلِهِمْ وَسَبْيِ ذَرَارِيِّهِمْ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَقَدْ حَكَمْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقِعَةٍ» (وَالْفِدَاءُ) لِمَا سَبَقَ (فَإِنْ حَكَمُ بِالْمَنِّ عَلَى غَيْرِ الذُّرِّيَّةِ لَزِمَ قَبُولُهُ) ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْإِمَامِ فَكَانَ لَهُ الْمَنُّ كَهُوَ وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ أَبَاهُ الْإِمَامُ.
(وَإِنْ حَكَمَ بِقَتْلٍ أَوْ سَبْيٍ لَزِمَ قَبُولُهُ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي قَضَاءِ سَعْدٍ عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ.
(فَإِنْ أَسْلَمُوا قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِمْ) بِشَيْءٍ مِمَّا سَبَقَ (عَصَمُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute