للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضَّعِيفُ وَلَا يَشُقُّ عَلَى الْقَوِيِّ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمِيرُ الْقَوْمِ أَقْطَعُهُمْ» أَيْ: أَقَلُّهُمْ سَيْرًا وَلِئَلَّا يَنْقَطِعَ مِنْهُمْ أَحَدٌ أَوْ يُشَقَّ عَلَيْهِمْ (فَإِنْ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى الْجَدِّ فِي السَّيْرِ جَازَ) «؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَدَّ حِينَ بَلَغَهُ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ لِيَشْتَغِلَ النَّاسُ عَنْ الْخَوْضِ فِيهِ» .

(وَيَعُدُّ) الْإِمَامُ أَوْ الْأَمِيرُ (لَهُمْ) أَيْ: لِجَيْشِهِ (الزَّادَ) ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَبِهِ قُوَاهُمْ وَرُبَّمَا طَالَ سَفَرُهُمْ، فَيَهْلَكُونَ حَيْثُ لَا زَادَ لَهُمْ (وَيُقَوِّي نُفُوسَهُمْ بِمَا يُخَيِّلُ إلَيْهِمْ مِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ) ، فَيَقُولُ مَثَلًا: أَنْتُمْ أَكْثَرُ عَدَدًا وَعُدَدًا، وَأَشَدُّ أَبْدَانًا، وَأَقْوَى قُلُوبًا وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا تَسْتَعِينُ بِهِ النُّفُوسُ عَلَى الْمُصَابَرَةِ، وَيَبْعَثُهَا عَلَى الْقِتَالِ، لِطَمَعِهَا فِي الْعَدُوِّ (وَيُعَرِّفُ عَلَيْهِمْ الْعُرَفَاءَ) جَمْعُ عَرِيفٍ (وَهُوَ الْقَائِمُ بِأَمْرِ الْقَبِيلَةِ أَوْ الْجَمَاعَةِ مِنْ النَّاسِ كَالْمُقَدَّمِ عَلَيْهِمْ يَنْظُرُ فِي حَالِهِمْ، وَيَتَفَقَّدُهُمْ، وَيَتَعَرَّفُ الْأَمِيرُ مِنْهُ أَحْوَالَهُمْ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَّفَ عَامَ خَيْبَرَ عَلَى كُلِّ عَشْرَةٍ عَرِيفًا «؛ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ أَيْضًا لِجَمْعِهِمْ، وَقَدْ وَرَدَ» الْعَرَافَةُ حَقٌّ؛ لِأَنَّ فِيهَا مَصْلَحَةً النَّاسِ وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْعُرَفَاءُ فِي النَّارِ» فَتَحْذِيرٌ لِلتَّعَرُّضِ لِلرِّيَاسَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْفِتْنَةِ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقُمْ بِأَمْرِهَا اسْتَحَقَّ الْعُقُوبَةَ.

(وَيُسْتَحَبُّ لَهُ) أَيْ: الْإِمَامِ أَوْ الْأَمِيرِ (عَقْدُ الْأَلْوِيَةِ الْبِيضِ وَهِيَ الْعَصَائِبُ تُعْقَدُ عَلَى قَنَاةٍ وَنَحْوِهَا) قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ: اللِّوَاءُ رَايَةٌ لَا يَحْمِلُهَا إلَّا صَاحِبُ جَيْشِ الْحَرْبِ، أَوْ صَاحِبُ دَعْوَةِ الْجَيْشِ اهـ قَالَ ابْنُ عَبَّاسِ «كَانَتْ رَايَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَوْدَاءَ وَلِوَاؤُهُ أَبْيَضَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَخَلَ مَكَّةَ وَلِوَاؤُهُ أَبْيَضُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَظَاهِرُ الْمُقْنِعِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ أَنَّهَا تَكُونُ بِأَيِّ لَوْنٍ شَاءَ لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ.

(وَ) يَعْقِدُ لَهُمْ (الرَّايَاتِ، وَهِيَ أَعْلَامٌ مُرَبَّعَةٌ وَيُغَايِرُ أَلْوَانَهَا لِيَعْرِفَ كُلُّ قَوْمٍ رَأَيْتَهُمْ) «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْعَبَّاسِ حِينَ أَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ احْبِسْهُ عَلَى الْوَادِي حَتَّى تَمَرَّ بِهِ جُنُودُ اللَّهِ تَعَالَى فَيَرَاهَا قَالَ: فَحَبَسْتُهُ حَيْثُ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَرَّتْ بِهِ الْقَبَائِلُ عَلَى رَايَاتِهَا» ؛ وَلِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ إذَا نَزَلَتْ بِالنَّصْرِ نَزَلَتْ مُسَوَّمَةً بِهَا نَقَلَهُ حَنْبَلٌ.

(وَيَجْعَلُ لِكُلِّ طَائِفَةٍ شِعَارًا يَتَدَاعُونَ بِهِ عِنْدَ الْحَرْبِ) لِمَا رَوَى سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ قَالَ «غَزَوْنَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ زَمَنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ شِعَارُنَا: أَمِتْ أَمِتْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقَدْ وَرَدَ أَيْضًا " حم لَا يُنْصَرُونَ "؛ وَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ رُبَّمَا احْتَاجَ إلَى نُصْرَةِ صَاحِبِهِ وَرُبَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>