بِإِذْنِهِ فَالْغَزْوُ أَوْلَى (إلَّا أَنْ يَفْجَأَهُمْ) أَيْ: يَطْلُعَ عَلَيْهِمْ بَغْتَةً (عَدُوٌّ يَخَافُونَ كَلَبَهُ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَاللَّامِ، أَيْ: شَرَّهُ، وَأَذَاهُ (بِالتَّوَقُّفِ عَلَى الْإِذْنِ) ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَيْهِ لِمَا فِي التَّأْخِيرِ مِنْ الضَّرَرِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ التَّخَلُّفُ لَأَحَدٍ إلَّا مَنْ يَحْتَاجُ إلَى تَخَلُّفِهِ، لِحِفْظِ الْمَكَانِ وَالْأَهْلِ، وَالْمَالِ، وَمَنْ لَا قُوَّةَ لَهُ عَلَى الْخُرُوجِ، وَمَنْ يَمْنَعُهُ الْإِمَامُ (أَوْ) يَجِدُونَ (فُرْصَةً يَخَافُونَ فَوْتَهَا) إنْ تَرَكُوهَا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوا الْأَمِيرَ فَإِنَّ لَهُمْ الْخُرُوجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، لِئَلَّا تَفُوتَهُمْ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا حَضَرَ الْعَدُوُّ صَارَ الْجِهَادُ فَرْضَ عَيْنٍ، فَلَا يَجُوزُ التَّخَلُّفُ عَنْهُ وَلِذَلِكَ لَمَّا أَغَارَ الْكُفَّارُ عَلَى لِقَاحِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَادَفَهُمْ سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ خَارِجَ الْمَدِينَةِ تَبِعَهُمْ، وَقَاتَلَهُمْ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ فَمَدَحَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَقَالَ خَيْرُ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ» وَأَعْطَاهُ سَهْمَ فَارِسٍ، وَرَاجِلٍ.
(وَإِذَا قَالَ الْإِمَامُ لِرَجُلٍ أَخْرُجُ عَلَيْك أَنْ لَا تَصْحَبَنِي، فَنَادَى) الْإِمَامُ (بِالنَّفِيرِ لَمْ يَكُنْ) النَّفِيرُ (إذْنًا لَهُ) فِي الْخُرُوجِ لِتَقْدِيمِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (وَلَا بَأْسَ بِالنِّهْدَةِ) بِكَسْرِ النُّونِ، وَهُوَ الْمُنَاهَدَةُ (فِي السَّفَرِ) فَعَلَهُ الصَّالِحُونَ كَانَ الْحَسَنُ إذَا سَافَرَ أَلْقَى مَعَهُمْ، وَيَزِيدُ أَيْضًا بَعْدَ مَا يُلْقِي، وَفِيهِ أَيْضًا رِفْقٌ (وَمَعْنَاهُ) أَيْ: النِّهْدُ (أَنْ يُخْرِجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الرُّفْقَةِ شَيْئًا مِنْ النَّفَقَةِ يَدْفَعُونَهُ إلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ، وَيَأْكُلُونَ مِنْهُ جَمِيعًا، وَلَوْ أَكَلَ بَعْضُهُمْ أَكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ) لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ (وَلَوْ دَخَلَ قَوْمٌ لَا مَنَعَةَ) بِفَتْحِ الْأَحْرُفِ الثَّلَاثِ، وَقَدْ تُسَكَّنُ النُّونُ، أَيْ: الْقُوَّةَ وَالدَّفْعَ (لَهُمْ، أَوْ لَهُمْ مَنَعَةٌ أَوْ) دَخَلَ وَاحِدٌ، وَلَوْ عَبْدًا ظَاهِرًا (كَانَ) الدُّخُولُ (أَوْ خُفْيَةً دَارَ حَرْبٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْأَمِيرِ فَغَنِيمَتُهُمْ فَيْءٌ لِعِصْيَانِهِمْ) بِافْتِيَاتِهِمْ عَلَى الْإِمَامِ لِطَلَبِ الْغَنِيمَةِ فَنَاسَبَ حِرْمَانَهُمْ كَقَتْلِ الْمَوْرُوثِ.
(وَمَنْ أَخَذَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ) إلَى الْمَأْخُوذِ (وَلَا إذْنِ) الْأَمِيرِ (طَعَامًا مِمَّا يُقْتَاتُ أَوْ يَصْلُحُ بِهِ الْقُوتُ مِنْ الْأُدْمِ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَوْ سُكَّرًا أَوْ مَعَاجِينَ وَعَقَاقِيرَ وَنَحْوَهُ، أَوْ عَلَفًا فَلَهُ أَكْلُهُ وَإِطْعَامُ سَبْيٍ اشْتَرَاهُ، وَعَلَفُ دَابَّتِهِ، وَلَوْ كَانَا) أَيْ: السَّبْيُ وَالدَّابَّةُ (لِتِجَارَةٍ) لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ " كُنَّا نُصِيبُ فِي مَغَازِينَا الْعَسَلَ، وَالْعِنَبَ، فَنَأْكُلُهُ وَلَا نَرْفَعُهُ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَعَنْهُ «أَنَّ جَيْشًا غَنِمُوا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَعَامًا وَعَسَلًا فَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُمْ الْخُمْسَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد؛ وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَيْهِ إذْ الْحَمْلُ فِيهِ مَشَقَّةٌ فَأُبِيحَ تَوْسِعَةً عَلَى النَّاسَ (مَا لَمْ يُحْرَزْ) مَا تَقَدَّمَ مِنْ الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ (أَوْ يُوَكِّلُ الْإِمَامُ مَنْ يَحْفَظُهُ، فَلَا يَجُوزُ إذَنْ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute