يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْخُفَّ الْمَمْسُوحَ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ مَا تَحْتَهُ وَالْبَدَلُ لَا يَكُونُ لَهُ بَدَلٌ آخَرُ (بَلْ عَلَى الْأَسْفَلِ) ؛ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ تَعَلَّقَتْ بِهِ.
(وَإِنْ) لَبِسَ خُفًّا عَلَى آخَرَ قَبْلَ الْحَدَثِ وَمَسَحَ الْأَعْلَى، ثُمَّ (نَزَعَ الْمَمْسُوحَ الْأَعْلَى لَزِمَهُ نَزْعُ التَّحْتَانِيِّ) وَإِعَادَةُ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْمَسْحِ وَنَزْعُهُ كَنَزْعِهِمَا وَالرُّخْصَةُ تَعَلَّقَتْ بِهِمَا، فَصَارَ كَانْكِشَافِ الْقَدَمِ (وَقَشْطُ ظِهَارَةِ الْخُفِّ) بِكَسْرِ الظَّاءِ الْمُشَالَةِ ضِدُّ الْبِطَانَةِ (بَعْدَ الْمَسْحِ عَلَيْهِ لَا تُؤَثِّرُ) فِي الْوُضُوءِ لِبَقَاءِ سَتْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ.
(وَيَمْسَحُ) خُفًّا (صَحِيحًا) لَبِسَهُ عَلَى طَهَارَةٍ (عَلَى لِفَافَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ خُفٌّ سَاتِرٌ لِمَحَلِّ الْفَرْضِ أَشْبَهَ مَا لَوْ انْفَرَدَ، وَلَا يَمْسَحُ خُفًّا (مُخَرَّقًا) لَبِسَهُ (عَلَيْهَا) أَيْ: عَلَى لِفَافَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتُرُ مَحَلَّ الْفَرْضِ، كَمَا لَوْ انْفَرَدَ (وَلَا) يَمْسَحُ (لَفَائِفَ وَحْدَهَا) وَهِيَ خِرَقٌ تُشَدُّ عَلَى الرِّجْلِ تَحْتَهَا نَعْلٌ أَوْ لَا، وَلَوْ مَعَ مَشَقَّةٍ فِي الْأَصَحِّ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ.
(وَيَجِبُ مَسْحُ أَكْثَرِ أَعْلَى خُفٍّ وَنَحْوِهِ) كَجَوْرَبٍ وَجُرْمُوقٍ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَلَا يُسَنُّ اسْتِيعَابُهُ مَرَّةً فَلَا يَجِبُ تَكْرَارُهُ، بَلْ وَلَا يُسَنُّ (دُونَ أَسْفَلِهِ) أَيْ: الْخُفِّ (وَعَقِبِهِ، فَلَا يُجْزِي مَسْحُهُمَا) عَنْ مَسْحِ ظَاهِرِهِ (بَلْ وَلَا يُسَنُّ) مَسْحُهُمَا مَعَ مَسْحِ ظَاهِرِهِ لِقَوْلِ عَلِيٍّ لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ وَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
قَالَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ إسْنَادُهُ صَحِيحٌ فَبَيَّنَ أَنَّ الرَّأْيَ وَإِنْ اقْتَضَى مَسْحَ أَسْفَلِهِ، إلَّا أَنَّ السُّنَّةَ أَحَقُّ أَنْ تُتَّبَعَ؛ لِأَنَّ أَسْفَلَهُ مَظِنَّةُ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ وَكَثْرَةِ الْوَسَخِ، فَمَسْحُهُ يُفْضِي إلَى تَلَوُّثِ الْيَدِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ، وَمَا وَرَدَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَسَحَ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلَهُ» فَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَقَالَ: مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ مَعْلُولٌ: وَقَالَ سَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ وَمُحَمَّدًا - أَيْ: الْبُخَارِيَّ - عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَا: لَيْسَ بِصَحِيحٍ.
(وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا) أَيْ: عَلَى الْمَرَّةِ فِي مَسْحِ الْخُفِّ؛ لِأَنَّهُ يُفْسِدُهُ (فَيَضَعُ يَدَيْهِ مُفَرَّجَتَيْ الْأَصَابِعِ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ ثُمَّ يُمِرُّهُمَا عَلَى مِشْطَيْ قَدَمَيْهِ إلَى سَاقَيْهِ) هَذَا صِفَةُ الْمَسْحِ الْمَسْنُونِ، قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى خُفِّهِ الْأَيْمَنِ، وَيَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى خُفِّهِ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ مَسَحَ إلَى أَعْلَاهُ مَسْحَةً وَاحِدَةً» (فَإِنْ بَدَأَ) فِي الْمَسْحِ مِنْ سَاقِهِ (إلَى أَصَابِعِهِ أَجْزَأَهُ) قَالَ أَحْمَدُ كَيْفَمَا فَعَلْتَ فَهُوَ جَائِزٌ.
(وَيُسَنُّ مَسْحُ) الرِّجْلِ (الْيُمْنَى ب) الْيَدِ (الْيُمْنَى) (وَ) الرِّجْلُ (الْيُسْرَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute