الْفُقَرَاءُ، فَهُمَا صِنْفَانِ فِي الزَّكَاةِ فَقَطْ، وَفِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ صِنْفٌ وَاحِدٌ وَسَهْمٌ لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ) لِلْآيَةِ.
(لِلْآيَةِ وَيُشْتَرَطُ فِي ذَوِي قُرْبَى وَيَتَامَى وَمَسَاكِينِ وَأَبْنَاءِ سَبِيلٍ كَوْنُهُمْ مُسْلِمِينَ) ؛ لِأَنَّ الْخُمْسَ عَطِيَّةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَكُنْ لِكَافِرٍ فِيهَا حَقٌّ كَالزَّكَاةِ.
(وَ) يَجِبُ (أَنْ يُعْطَوْا كَالزَّكَاةِ) أَيْ: يُعْطَى هَؤُلَاءِ الْخُمْسَ كَمَا يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ فَيُعْطَى الْمِسْكِينُ تَمَامَ كِفَايَتِهِ مَعَ عَائِلَتِهِ سَنَةً، وَكَذَا الْيَتِيمُ، وَيُعْطَى ابْنُ السَّبِيلِ مَا يُوَصِّلُهُ إلَى بَلَدِهِ (وَيَعُمُّ بِسِهَامِهِمْ جَمِيعَ الْبِلَادِ حَسْبَ الْإِمْكَانِ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ سَهْمٍ مِنْهَا مُسْتَحَقٌّ بِوَصْفٍ مُوجِبٍ دَفْعَةً إلَى كُلِّ مُسْتَحِقِّيهِ كَالْمِيرَاثِ، فَيَبْعَثُ الْإِمَامُ إلَى عُمَّالِهِ بِالْأَقَالِيمِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي ذَوِي الْقُرْبَى.
(وَإِنْ اجْتَمَعَ فِي وَاحِدٍ أَسْبَابٌ كَالْمِسْكِينِ الْيَتِيمِ ابْنِ السَّبِيلِ اسْتَحَقَّ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا) ؛ لِأَنَّهَا أَسْبَابٌ لِأَحْكَامٍ، فَوَجَبَ أَنْ تَثْبُتَ أَحْكَامُهَا مَعَ الِاجْتِمَاعِ كَالِانْفِرَادِ (لَكِنْ لَوْ أَعْطَاهُ لِيُتْمِهِ فَزَالَ فَقْرُهُ) بِأَنْ اسْتَغْنَى بِمَا أُعْطِيَهُ لِيُتْمِهِ (لَمْ يُعْطَ لِفَقْرِهِ شَيْئًا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فَقِيرًا (وَلَا حَقَّ فِي الْخُمْسِ لِكَافِرٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا لِقِنٍّ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ لَكَانَ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ الْقِنَّ لَا يَمْلِكُ.
(وَإِنْ أَسْقَطَ بَعْضُ الْغَانِمِينَ وَلَوْ مُفْلِسًا حَقَّهُ) مِنْ الْغَنِيمَةِ (فَهُوَ لِلْبَاقِينَ) مِنْ أَهْلِ الْغَنِيمَةِ لِضَعْفِ الْمِلْكِ؛ وَلِأَنَّ اشْتِرَاكَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ اشْتِرَاكُ تَزَاحُمٍ فَإِذَا أَسْقَطَ أَحَدُهُمْ حَقَّهُ كَانَ لِلْبَاقِينَ بِخِلَافِ الْمِيرَاثِ لِقُوتِهِ.
(وَإِنْ أَسْقَطَ الْكُلُّ) أَيْ: كُلُّ الْغَانِمِينَ حَقَّهُمْ مِنْ الْغَنِيمَةِ (فَ) هِيَ (فَيْءٌ) أَيْ: صَارَتْ فَيْئًا، فَتُصْرَفُ مَصْرِفَهُ.
(ثُمَّ يُعْطِي) الْإِمَامُ أَوْ الْأَمِيرُ (النَّفَلَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ: بَعْدَ الْخُمْسِ، لِمَا رَوَى مَعْنُ بْنُ زَائِدَةَ مَرْفُوعًا «لَا نَفْلَ إلَّا بَعْدَ الْخُمْسِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد؛ وَلِأَنَّهُ مَالٌ اُسْتُحِقَّ بِالتَّحْرِيضِ عَلَى الْقِتَالِ، فَكَانَ (مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْغَنِيمَةِ) ، وَقُدِّمَ عَلَى الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ يَنْفَرِدُ بِهِ بَعْضُ الْغَانِمِينَ، فَأَشْبَهَ الْأَسْلَابَ (وَهُوَ) أَيْ: النَّفَلُ (الزِّيَادَةُ عَلَى السَّهْمِ لِمَصْلَحَةٍ، وَهُوَ الْمَجْعُولُ لِمَنْ عَمِلَ عَمَلًا، كَتَنَفُّلِ السَّرَايَا الثُّلُثَ، وَالرُّبْعَ، وَنَحْوَهُ، وَقَوْلِ الْأَمِيرِ مَنْ طَلَعَ حِصْنًا أَوْ نَقَبَهُ) فَلَهُ كَذَا.
(وَ) قَوْلِهِ (مَنْ جَاءَ بِأَسِيرٍ، وَنَحْوِهِ فَلَهُ كَذَا) ، وَكَذَا مَنْ دَلَّ عَلَى قَلْعَةٍ أَوْ مَاءٍ أَوْ مَا فِيهِ غَنَاءٌ (وَيَرْضَخُ لِمَنْ لَا سَهْمَ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ بِحُضُورِ الْوَقْعَةِ فَكَانَ بَعْدَ الْخُمْسِ كَسِهَامِ الْغَانِمِينَ (وَهُمْ الْعُبَيْدُ) لِحَدِيثِ عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ قَالَ «شَهِدْتُ خَيْبَرَ مَعَ سَادَتِي، فَكَلَّمُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأُخْبِرَ أَنِّي مَمْلُوكٌ، فَأَمَرَ لِي بِشَيْءٍ مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَاحْتَجَّ بِهِ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ؛ وَلِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute