بِنَاصِيَتِهِ» فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ وَهُوَ صَحِيحٌ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ وَعُلِمَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ الصَّمَّاءِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ عِمَامَةَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَشُقُّ نَزْعُهَا أَشْبَهَتْ الطَّاقِيَّةَ.
وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمَرَ بِالتَّلَحِّي وَنَهَى عَنْ الِاقْتِعَاطِ» رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَالِاقْتِعَاطُ أَنْ لَا يَكُونَ تَحْتَ الْحَنَكِ مِنْهَا شَيْءٌ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كَانَ أَبِي يَكْرَهُ أَنْ يَعْتَمَّ الرَّجُلُ بِالْعِمَامَةِ وَلَا يَجْعَلهَا تَحْتَ حَنَكِهِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً، وَقَالَ إنَّمَا يَعْتَمُّ مِثْلَ هَذَا الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا كَرَاهَةٌ لَا تَرْتَقِي إلَى التَّحْرِيمِ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَمْنَعُ التَّرَخُّصَ، كَسَفَرِ النُّزْهَةِ، كَذَا قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ.
وَقَالَ وَلَعَلَّ الظَّاهِرَ مِنْ جَوَازِ الْمَسْحِ إبَاحَةُ لُبْسِهَا، وَهُوَ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَتُحْمَلُ كَرَاهَةُ السَّلَفِ عَلَى الْحَاجَةِ لِذَلِكَ، لِجِهَادٍ أَوْ غَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، أَوْ عَلَى تَرْكِ الْأَوْلَى وَحَمَلَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لِغَيْرِ ذَاتِ ذُؤَابَةٍ.
(وَيَجِبُ مَسْحُ جَمِيعِ جَبِيرَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي تَعْمِيمِهَا بِهِ، بِخِلَافِ الْخُفِّ، فَإِنَّهُ يَشُقُّ تَعْمِيمُ جَمِيعِهِ، وَيُتْلِفهُ الْمَسْحُ (لَمْ تُجَاوِزْ) الْجَبِيرَةُ (قَدْرَ الْحَاجَةِ) بِشَدِّهَا،؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ فَتَقَيَّدَ بِقَدْرِهَا، وَمَوْضِعُ الْحَاجَةِ هُوَ مَوْضِعُ الْكَسْرِ وَنَحْوِهِ وَمَا لَا بُدَّ مِنْ وَضْعِ الْجَبِيرَةِ عَلَيْهِ مِنْ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهَا لَا بُدَّ أَنْ تُوضَعَ عَلَى طَرَفَيْ الصَّحِيحِ لِيَرْجِعَ الْكَسْرُ.
(وَيُجْزِي) الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ مِنْ غَيْرِ تَيَمُّمٍ؛ لِأَنَّهُ مَسْحٌ عَلَى حَائِلٍ فَأَجْزَأَ (مِنْ غَيْرِ تَيَمُّمٍ) ، كَمَسْحِ الْخُفِّ بَلْ أَوْلَى إذْ صَاحِبُ الضَّرُورَةِ أَحَقُّ بِالتَّخْفِيفِ، وَالِاسْتِدْلَالُ بِقِصَّةِ صَاحِبِ الشَّجَّةِ ضَعِيفٌ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْوَاوَ فِيهِ بِمَعْنَى أَوْ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ التَّيَمُّمَ فِيهِ لِشَدِّ الْعِصَابَةِ فِيهِ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ (فَإِنْ تَجَاوَزَتْ) الْجَبِيرَةُ مَحَلَّ الْحَاجَةِ (وَجَبَ نَزْعُهَا) لِيَغْسِلَ مَا يُمْكِنُهُ غَسْلُهُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ (فَإِنْ خَافَ) مِنْ نَزْعِهَا (تَلَفًا أَوْ ضَرَرًا تَيَمَّمَ لِزَائِدٍ) عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ، وَمَسَحَ مَا حَاذَى مَحَلَّ الْحَاجَةِ، وَغَسَلَ مَا سِوَى ذَلِكَ، فَيَجْمَعُ إذَنْ بَيْنَ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ وَالتَّيَمُّمِ.
(وَيَحْرُمُ الْجَبْرُ بِجَبِيرَةٍ نَجِسَةٍ، كَجِلْدِ الْمَيْتَةِ وَالْخِرْقَةِ النَّجِسَةِ، وَ) يَحْرُمُ الْجَبْرُ (بِمَغْصُوبٍ وَالْمَسْحُ عَلَى ذَلِكَ بَاطِلٌ وَكَذَا الصَّلَاةُ فِيهِ) ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ (كَالْخُفِّ النَّجِس وَكَذَلِكَ الْحَرِيرُ لِذَكَرٍ) يَحْرُمُ الْجَبْرُ بِهِ، وَلَا يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ (وَدَوَاءٌ وَعِصَابَةٌ) شَدَّ بِهَا رَأْسَهُ أَوْ غَيْرُهَا (وَلُصُوقٌ عَلَى جِرَاحٍ أَوْ وَجَعٍ وَلَوْ قَارَّا فِي شِقٍّ) وَتَضَرَّرَ بِقَلْعِهِ (أَوْ تَأَلَّمَتْ أُصْبُعُهُ، فَأَلْقَمَهَا مَرَارَةً كَجَبِيرَةٍ) إذَا وَضَعَهَا عَلَى طَهَارَةٍ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute