(وَيُنْظَرُ بِهِ الْمُعْسِرُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] .
(وَمَنْ كَانَ فِي يَدِهِ أَرْضٌ) خَرَاجِيَّةٌ (فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا بِالْخَرَاجِ كَالْمُسْتَأْجِرِ) إلَّا أَنَّ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ لَمْ تُقَدَّرْ لِلْحَاجَةِ.
(وَتَنْتَقِلُ) الْأَرْضُ الْخَرَاجِيَّةُ عَمَّنْ مَاتَ (إلَى وَارِثِهِ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانَتْ) عَلَيْهِ (فِي يَدِ مُوَرِّثِهِ) كَسَائِرِ حُقُوقِهِ.
(فَإِنْ آثَرَ) الَّذِي بِيَدِهِ أَرْضٌ خَرَاجِيَّةٌ (بِهَا أَحَدًا بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ صَارَ الثَّانِي أَحَقَّ بِهَا) مِنْ غَيْرِهِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْأَوَّلِ (وَمَعْنَى الْبَيْعِ هُنَا: بَذْلُهَا بِمَا عَلَيْهَا مِنْ خَرَاجٍ إنْ مَنَعْنَا بَيْعَهَا الْحَقِيقِيّ) كَمَا هُوَ الْمَذْهَبُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ عُمَرَ وَقَفَهَا، وَأَقَرَّهَا بِأَيْدِي أَرْبَابِهَا بِالْخَرَاجِ، وَالْوَقْفُ لَا يُبَاعُ إلَّا إذَا تَعَطَّلَتْ مَصَالِحُهُ عَلَى مَا يَأْتِي.
(وَإِنْ عَجَزَ مَنْ هِيَ) أَيْ: الْأَرْضَ الْخَرَاجِيَّةَ (فِي يَدِهِ عَنْ عِمَارَتِهَا وَ) عَنْ (أَدَاءِ خَرَاجِهَا أُجْبِرَ عَلَى إيجَارِهَا أَوْ رَفَعَ يَدَهُ عَنْهَا لِتُدْفَعَ إلَى مَنْ يَعْمُرُهَا، وَيَقُومُ بِخَرَاجِهَا) ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَا يَجُوزُ تَعْطِيلُهَا عَلَيْهِمْ.
(وَيَجُوزُ شِرَاءُ أَرْضِ الْخَرَاجِ اسْتِنْفَاذًا كَاسْتِنْفَاذِ الْأَسِيرِ، وَمَعْنَى الشِّرَاءِ أَنَّ تَنْتَقِلَ الْأَرْضُ) إلَيْهِ (بِمَا عَلَيْهَا مِنْ خَرَاجِهَا) لِامْتِنَاعِ الشِّرَاءِ الْحَقِيقِيّ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَيُكْرَهُ شِرَاؤُهَا) أَيْ: الْخَرَاجِيَّةُ (لِلْمُسْلِمِ) لِمَا فِي دَفْعِ الْخَرَاجِ مِنْ الذُّلِّ، وَالْهَوَانِ ".
تَتِمَّةٌ " إنْ اخْتَلَفَ الْعَامِلُ وَرَبُّ الْأَرْضِ فِي كَوْنِهَا خَرَاجِيَّةً أَوْ عُشْرِيَّةً مَثَلًا وَأَمْكَنَ قَوْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا فَقَوْلُ رَبِّ الْأَرْضِ فَإِنْ اُتُّهِمَ اُسْتُحْلِفَ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعْتَمَدَ فِي مِثْلِ هَذَا عَلَى الشَّوَاهِدِ الدِّيوَانِيَّةِ السُّلْطَانِيَّةِ إذَا عُلِمَ صِحَّتهَا، وَوُثِقَ بِكِتَابَتِهَا، وَلَمْ يَتَطَرَّقْ إلَيْهَا تُهْمَةٌ.
(وَيَجُوزُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ) الْخَرَاجِيَّةِ (أَنْ يَرْشُوَ الْعَامِلَ) الْقَابِضَ لِخَرَاجِهَا (لِخَرَاجِهَا وَيُهْدِيَ لَهُ لِدَفْعِ ظُلْمِهِ فِي خَرَاجِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَصَّلُ بِذَلِكَ إلَى كَفِّ الْيَد الْعَادِيَة عَنْهُ وَ (لَا) يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْشُوَهُ أَوْ يُهْدِيَهُ (لِيَدَعَ لَهُ مِنْهُ) أَيْ: الْخَرَاجِ (شَيْئًا) ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى إبْطَالِ حَقٍّ فَهُوَ كَرِشْوَةِ الْحَاكِمِ لِيَحْكُمَ لَهُ بِغَيْرِ الْحَقِّ (فَالرِّشْوَةُ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ (مَا يُعْطَى) لِلْمُرْتَشِي (بَعْدَ طَلَبِهِ، وَالْهَدِيَّةُ الدَّفْعُ إلَيْهِ ابْتِدَاءً) أَيْ: بِغَيْرِ طَلَبٍ.
(وَيَحْرُمُ عَلَى الْعَامِلِ الْأَخْذُ