لِاشْتِرَاطِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ فِي كِتَابِهِمْ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ وَأَمْرُ عُمَرَ أَنْ يُكْتَبَ لَهُمْ قَالُوا فِيهِ: " وَلَا نَتَكَلَّمُ بِكَلَامِهِمْ ".
(وَيُمْنَعُونَ مِنْ الْعَمَلِ بِالسِّلَاحِ، وَتَعَلُّمِ الْمُقَاتِلَةِ بِالثِّقَافِ، وَالرَّمْيِ وَغَيْرِهِ) كَلَعِبٍ بِرُمْحٍ وَدَبُّوسٍ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ مَعُونَةً لَهُمْ عَلَيْنَا.
(وَيُؤْمَرُ النَّصَارَى بِشَدِّ الزُّنَّارِ فَوْقَ ثِيَابِهِمْ) لِأَنَّهُمْ إذَا شَدُّوهُ مِنْ دَاخِلٍ لَمْ يُرَ فَلَمْ تَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ (وَهُوَ) أَيْ: الزُّنَّارُ (خَيْطٌ غَلِيظٌ عَلَى أَوْسَاطِهِمْ خَارِجُ الثِّيَابِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَيْسَ لَهُمْ إبْدَالُهُ بِمِنْطَقَةٍ وَمِنْدِيلٍ وَنَحْوِهِمَا) لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ التَّمَيُّزِ.
(وَ) يَكُونُ الزُّنَّارُ (لِلْمَرْأَةِ تَحْتَ ثِيَابِهَا) قَالَهُ الْقَاضِي وَعَلَّلَ بِأَنَّهَا إنْ شَدَّتْهُ فَوْقَ كُلِّ الثِّيَابِ انْكَشَفَ رَأْسُهَا.
وَقَالَ فِي الْمُبْدِعِ: لَكِنَّ الْمَرْأَةَ تَشُدُّ فَوْقَ ثِيَابِهَا تَحْتَ الْإِزَارِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شُدَّ فَوْقَهُ لَمْ يَثْبُتْ (وَيَكْفِي أَحَدُهُمَا أَيْ: الْغِيَارُ أَوْ الزُّنَّارُ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّمْيِيزُ وَهُوَ حَاصِلٌ قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: فَالتَّمْيِيزُ فِي الْمَلْبُوسِ بِالْغِيَارِ - إلَى أَنْ قَالَ وَيُؤْمَرُونَ مَعَ ذَلِكَ بِشَدِّ الزُّنَّارِ فَوْقَ ثِيَابِهِمْ فَمُقْتَضَاهُ: الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ.
(وَلَا يُمْنَعُونَ فَاخِرَ الثِّيَابِ وَلَا الْعَمَائِمِ، وَالطَّيْلَسَانِ لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ بِالْغِيَارِ وَالزُّنَّارِ وَيُجْعَلُ فِي رِقَابِهِمْ خَوَاتِيمَ مِنْ رَصَاصٍ أَوْ حَدِيدٍ لَا مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ) لِتَحْرِيمِهَا عَلَى الذُّكُورِ.
(وَ) كَذَلِكَ (لَوْ جَعَلَ، فِي عُنُقِهِ صَلِيبًا لَمْ يَجُزْ) لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ الصَّلِيبِ (أَوْ) يُجْعَلُ فِي رِقَابِهِمْ (جُلْجُلٌ جَرَسٌ صَغِيرٌ، لِدُخُولِهِمْ حَمَّامِنَا) لِيَحْصُلَ الْفَرْقُ وَظَاهِرُهُ جَوَازُ دُخُولِهَا الْحَمَّامَ مَعَ الْمُسْلِمَاتِ.
(وَيَلْتَزِمُ تَمْيِيزَ قُبُورِهِمْ عَنْ قُبُورِنَا تَمْيِيزًا ظَاهِرًا كَالْحَيَاةِ وَأَوْلَى) وَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَدْفِنُوا أَحَدًا مِنْهُمْ فِي مَقَابِرِنَا (وَيَنْبَغِي مُبَاعَدَةُ مَقَابِرِهِمْ عَنْ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَظَاهِرُهُ: وُجُوبًا، لِئَلَّا تَصِيرَ الْمَقْبَرَتَانِ مَقْبَرَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ دَفْنُهُمْ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَكُلَّمَا بَعُدَتْ) مَقَابِرُهُمْ (عَنْهَا كَانَ أَصْلَحَ) لِلتَّبَاعُدِ عَنْ الْمَفْسَدَةِ.
(وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ فِي مَقَابِرِهِمْ) ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَصَابَهُمْ عَذَابٌ قَالَ تَعَالَى {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: ٢٥] .
(وَلَا يَجُوزُ تَصْدِيرُهُمْ فِي الْمَجَالِسِ) ؛ لِأَنَّ فِيهَا تَعْظِيمًا لَهُمْ (وَلَا) يَجُوزُ (الْقِيَامُ لَهُمْ) ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ.
(وَلَا لِمُبْتَدَعٍ يَجِبُ هَجْرُهُ) كَرَافِضِيٍّ قُلْتُ وَيُكْرَهُ ذَلِكَ لِمَنْ يُسَنُّ هَجْرُهُ كَمُجَاهِرٍ بِمَعْصِيَةٍ كَعِيَادَتِهِ (وَلَا يُوَقَّرُونَ كَمَا يُوَقَّرُ الْمُسْلِمُ) لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِمْ.
(وَلَا تَجُوزُ بَدْأَتُهُمْ بِالسَّلَامِ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدًا مِنْهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاضْطَرُّوهُمْ إلَى أَضْيَقِهَا»