للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ لِلْإِمَامِ تَرْكَهُ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ وَمَتَى أَخَذَ ذَلِكَ كَتَبَ لَهُمْ بِهِ حُجَّةً لِتَكُونَ وَثِيقَةً لَهُمْ، وَحُجَّةً عَلَى مَنْ يَمُرُّونَ عَلَيْهِ وَلَا يَعْشُرُهُمْ ثَانِيَةً إلَّا مَنْ مَعَهُ أَكْثَرُ مِنْ الْمَالِ الْأَوَّلِ فَيَأْخُذُ مِنْ الزِّيَادَةِ لِأَنَّهَا لَمْ تُعْشَرْ.

(وَيَحْرُمُ تَعْشِيرُ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْكُلَفُ الَّتِي ضَرَبَهَا الْمُلُوكُ عَلَى النَّاسِ) بِغَيْرِ طَرِيقٍ شَرْعِيٍّ (إجْمَاعًا قَالَ الْقَاضِي لَا يَسُوغُ فِيهَا اجْتِهَادٌ بِغَيْرِ طَرِيقٍ شَرْعِيٍّ قَالَ الشَّيْخُ لِوَلِيٍّ) أَيْ: فِي نِكَاحٍ (يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ: مَنْعُ مُوَلِّيَتِهِ مِنْ التَّزْوِيجِ مِمَّنْ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا إلَّا مِنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ مَنْعٌ بِحَقٍّ.

(وَعَلَى الْإِمَامِ حِفْظُهُمْ) أَيْ: أَهْلِ الذِّمَّةِ (وَالْمَنْعُ مِنْ آذَاهُمْ) لِأَنَّهُمْ بَذَلُوا الْجِزْيَةَ عَلَى ذَلِكَ (وَاسْتِنْقَاذُ أَسْرَاهُمْ) ؛ لِأَنَّهُ جَرَتْ عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ، وَتَأَبَّدَ عَهْدُهُمْ، فَلَزِمَهُ ذَلِكَ كَمَا يَلْزَمُهُ لِلْمُسْلِمِينَ (بَعْدَ فَكِّ أَسَرَانَا) فَيَبْدَأُ بِفِدَاءِ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَهُمْ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمُسْلِمِ أَعْظَمُ (وَلَوْ لَمْ يَكُونَا فِي مَعُونَتِنَا) خِلَافًا لِلْقَاضِي قَالَ: إنَّمَا يَجِبُ فِدَاؤُهُمْ إذَا اسْتَعَانَ بِهِمْ الْإِمَامُ فِي قِتَالٍ فَسُبُوا.

(وَيُكْرَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ مُسْلِمٌ بِذِمِّيٍّ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، مِثْلِ كِتَابَةٍ وَعِمَالَةٍ، وَجِبَايَةِ خَرَاجٍ، وَقِسْمَةِ فَيْءٍ وَغَنِيمَةٍ، وَحِفْظِ ذَلِكَ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَغَيْرِهِ وَنَقَلَهُ) أَيْ: نَقَلَ مَا ذُكِرَ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ (إلَّا لِضَرُورَةٍ) ؛ لِأَنَّ أَبَا مُوسَى دَخَلَ عَلَى عُمَرَ وَمَعَهُ كِتَابٌ قَدْ كَتَبَهُ فِيهِ حِسَابُ عَمَلِهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ " اُدْعُ الَّذِي كَتَبَهُ لِيَقْرَأَهُ قَالَ: إنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ قَالَ وَلِمَ لَا يَدْخُلُ؟ فَقَالَ: إنَّهُ نَصْرَانِيٌّ فَانْتَهَرَهُ عُمَرُ.

(وَلَا يَكُونُ) الذِّمِّيُّ (بَوَّابًا وَلَا جَلَّادًا، وَلَا جَهْبَذًا وَهُوَ النَّقَّادُ الْخَبِيرُ وَنَحْوُ ذَلِكَ) لِخِيَانَتِهِمْ، فَلَا يُؤْمَنُونَ.

(وَيَحْرُمُ تَوْلِيَتُهُمْ الْوِلَايَاتِ مِنْ دِيوَانِ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ إضْرَارِ الْمُسْلِمِينَ لِلْعَدَاوَةِ الدِّينِيَّةِ (وَتَقَدَّمَ نَحْوُ الِاسْتِعَانَةِ بِهِمْ فِي الْقِتَالِ فِي بَابِ مَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ وَالْجَيْشَ) .

(وَيُكْرَهُ أَنْ يُسْتَشَارُوا أَوْ يُؤْخَذَ بِرَأْيِهِمْ) لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مَأْمُومِينَ (فَإِنْ أَشَارَ الذِّمِّيُّ بِالْفِطْرِ فِي الصِّيَامِ، أَوْ) أَشَارَ (بِالصَّلَاةِ جَالِسًا لَمْ يُقْبَلْ) خَبَرُهُ (لِتَعَلُّقِهِ بِالدِّينِ، وَكَذَا لَا يُسْتَعَانُ بِأَهْلِ الْأَهْوَاءِ) كَالرَّافِضَةِ أَيْ: تَحْرُمُ الِاسْتِعَانَةُ بِهِمْ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ؛ لِأَنَّهُمْ يَدْعُونَ إلَى بِدْعَتِهِمْ كَمَا سَبَقَ.

(وَيُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتَطِبَّ ذِمِّيًّا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَأَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ دَوَاءً لَمْ يَقِفْ عَلَى مُفْرَدَاتِهِ الْمُبَاحَةِ وَكَذَا مَا وَصَفَهُ مِنْ الْأَدْوِيَةِ أَوْ عَمَلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَخْلِطَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَسْمُومَاتِ أَوْ النَّجَاسَاتِ) قَالَ تَعَالَى {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} [آل عمران: ١١٨] (وَ) يُكْرَهُ (أَنْ تَطِبَّ ذِمِّيَّةٌ مُسْلِمَةً وَلَوْ بَيَّنَتْ لَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>