(فَسَبَقَ نِدَاءُ أَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ الْجَامِعَيْنِ (لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ قَبْلَ نِدَاءِ الْجَامِعِ الْآخَرِ صَحَّحَهُ فِي الْفُصُولِ) لِعُمُومِ الْآيَةِ.
(وَتَحْرُمُ الصِّنَاعَاتُ كُلُّهَا) مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي النِّدَاءِ الثَّانِي لِلْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهَا تَشْغَلُ عَنْ الصَّلَاةِ وَتَكُونُ ذَرِيعَةً لِفَوَاتِهَا (وَيَسْتَمِرُّ التَّحْرِيمُ) أَيْ تَحْرِيمُ الْبَيْعِ وَالصِّنَاعَاتِ مِنْ الشُّرُوعِ فِي الْآذَانِ الثَّانِي أَوْ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي إذَا سَعَى فِيهِ أَدْرَكَهَا مِنْ مَنْزِلٍ بَعِيدٍ (إلَى انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ) أَيْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ.
(وَمَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ تَحْرِيمِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ إذَنْ (إنْ لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ أَوْ حَاجَةٌ) فَإِنْ كَانَتْ لَمْ يَحْرُمْ (كَمُضْطَرٍّ إلَى طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ إذَا وَجَدَهُ يُبَاعُ) فَاشْتَرَاهُ (أَوْ) كَ (عُرْيَانَ وَجَدَ سُتْرَةً تُبَاعُ، أَوْ) كَعَادِمِ (مَاءٍ) وَجَدَ مَاءً (لِلطَّهَارَةِ وَكَذَا) شِرَاءُ (كَفَنِ مَيِّتٍ وَمُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ إذَا خِيفَ عَلَيْهِ الْفَسَادُ بِالتَّأْخِيرِ وَ) كَذَا (وُجُودُ أَبِيهِ وَنَحْوِهِ) كَأُمِّهِ وَأَخِيهِ " يُبَاعُ مَعَ مَنْ لَوْ - تَرَكَهُ مَعَهُ ذَهَبَ بِهِ.
(وَ) كَذَا (شِرَاءُ مَرْكُوبٍ لِعَاجِزٍ، وَ) كَذَا (ضَرِيرٌ لَا يَجِدُ قَائِدًا وَنَحْوُهُ) أَيْ: نَحْوُ مَا ذَكَرَ مِنْ كُلِّ مَا دَعَتْ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ أَوْ حَاجَةٌ (وَوَجَدَ ذَلِكَ يُبَاعُ) بَعْدَ النِّدَاءِ فَلَهُ شِرَاؤُهُ دَفْعًا لِضَرُورَتِهِ أَوْ حَاجَتِهِ.
(وَكَذَا) يَحْرُمُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ عَلَى مِنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْخَمْسُ الْمَكْتُوبَاتُ (لَوْ تَضَايَقَ وَقْتُ مَكْتُوبَةٍ غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ فِعْلِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ تَعَيَّنَ لِلْمَكْتُوبَةِ فَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ، مُتَّسِعًا لَمْ يَحْرُمْ الْبَيْعُ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: قُلْتُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَحْرُمَ إذَا فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ بِذَلِكَ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ أُخْرَى حَيْثُ قُلْنَا بِوُجُوبِهَا انْتَهَى فَإِنْ لَمْ يُؤَذَّنْ لِلْجُمُعَةِ حَرُمَ الْبَيْعُ إذَا تَضَايَقَ وَقْتُهَا.
(وَلَوْ أَمْضَى) مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ بَعْدَ نِدَائِهَا (بَيْعَ خِيَارٍ أَوْ فَسَخَهُ صَحَّ) الْإِمْضَاءُ أَوْ الْفَسْخُ (كَ) صِحَّةِ (سَائِرِ الْعُقُودِ مِنْ النِّكَاحِ وَالْإِجَارَةِ وَالصُّلْحِ وَغَيْرِهَا) مِنْ الْقَرْضِ وَالرَّهْنِ وَالضَّمَانِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ وَرَدَ فِي الْبَيْعِ وَحْدَهُ وَغَيْرُهُ لَا يُسَاوِيهِ لِقِلَّةِ وُقُوعِهِ فَلَا تَكُونُ إبَاحَتُهُ ذَرِيعَةً لِفَوَاتِ الْجُمُعَةِ.
(وَتَحْرُمُ مُسَاوِمَةٌ وَمُنَادَاةٌ مِمَّا يَشْغَلُ) عَنْ الْجُمُعَةِ بَعْدَ نِدَائِهَا الثَّانِي (كَالْبَيْعِ) بَعْدَهُ.
(وَيُكْرَهُ) بَعْدَ النِّدَاءِ (شُرْبُ الْمَاءِ بِثَمَنٍ حَاضِرٍ أَوْ فِي الذِّمَّةِ) مُقْتَضَى مَا سَبَقَ: تَحْرِيمُهُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُبْدِعِ، وَخُصُوصًا إذَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَيْسَ هَذَا بَيْعًا حَقِيقَةً، بَلْ إبَاحَةً ثُمَّ تَقَعُ الْإِثَابَةُ عَلَيْهَا.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا قُصِدَ بِهِ الْحَرَامُ كَعِنَبٍ، وَ) كَ (عَصِيرٍ لِمُتَّخِذِهِمَا خَمْرًا) وَكَذَا زَبِيبٌ وَنَحْوُهُ (وَلَوْ) كَانَ بَيْعُ ذَلِكَ (لِذِمِّيٍّ) يَتَّخِذُهُ خَمْرًا لِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ (وَلَا) بَيْعُ (سِلَاحٍ وَنَحْوِهِ فِي فِتْنَةٍ أَوْ لِأَهْلِ حَرْبٍ أَوْ لِقُطَّاعِ طَرِيقٍ