كَحَمْلِ حَطَبٍ وَتَكْسِيرِهِ، أَوْ خِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَتَفْصِيلِهِ (لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ) لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ (إلَّا أَنْ يَكُونَا) أَيْ الشَّرْطَانِ الْمَجْمُوعَانِ (مِنْ مُقْتَضَاهُ) أَيْ مُقْتَضَى الْبَيْع كَاشْتِرَاطِ حُلُولِ الثَّمَنِ مَعَ تَصَرُّفِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِيمَا يَصِيرُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِلَا خِلَافٍ (أَوْ) إلَّا أَنْ يَكُونَا (مِنْ مَصْلَحَتِهِ) أَيْ: مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ، وَكَاشْتِرَاطِ رَهْنٍ وَضَمِينٍ مُعَيَّنَيْنِ بِالثَّمَنِ فَيَصِحُّ كَمَا لَوْ كَانَا مِنْ مُقْتَضَاهُ.
(وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ فَسْخٍ بِشَرْطٍ) كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ (وَيَأْتِي تَعْلِيقُ خُلْعٍ بِشَرْطٍ) وَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْعِوَضُ شَرْطًا لِصِحَّتِهِ أُلْحِقَ بِعُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ (وَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يُعْطِيَ الْبَائِعَ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْمَبِيعِ) الْمُسْتَثْنَاةِ مَنْفَعَتُهُ (فِي) الْمَنْفَعَةِ (الْمُسْتَثْنَاةِ) أَوْ يُعَوِّضَهُ عَنْهَا (لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ) وَلَهُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ مِنْ عَيْنِ الْمَبِيعِ لَتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهِ.
(وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى مَا يَقُومُ مَقَامَ الْمَبِيعِ فِي الْمَنْفَعَةِ أَوْ عَلَى الْعِوَضِ عَنْهَا (جَازَ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا (وَإِنْ أَقَامَ الْبَائِعُ مَقَامَهُ مَنْ يَعْمَلُ الْعَمَلَ) الْمُشْتَرَطَ عَلَيْهِ (فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَإِنْ أَرَادَ) الْبَائِعُ (بَذْلَ الْعِوَضِ عَنْ ذَلِكَ) الْعَمَلِ (لَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِيَ قَبُولُهُ) وَلَهُ طَلَبُهُ بِالْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ لَهُ بِهِ.
(وَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَخْذَ الْعِوَضِ عَنْهُ) أَيْ: عَنْ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَأَبَى الْبَائِعُ (لَمْ يَلْزَمْ الْبَائِعَ بَذْلُهُ) لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا مِنْهُمَا (وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ جَازَ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا.
(وَإِنْ تَعَذَّرَ الْعَمَلُ) الْمَشْرُوطُ (بِتَلَفِ الْمَبِيعِ) الْمَشْرُوطِ عَمَلُهُ كَتَلَفِ حَطَبٍ اشْتَرَطَ تَكْسِيرَهُ قَبْلَهُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِأُجْرَةِ ذَلِكَ (أَوْ اسْتَحَقَّ) نَفْعَ بَائِعٍ بِأَنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ إجَارَةً خَاصَّةً رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِأُجْرَةِ الْعَمَلِ (أَوْ) تَعَذَّرَ الْعَمَلُ (بِمَوْتِ الْبَائِعِ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِعِوَضِ ذَلِكَ) النَّفْعِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ مَعَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ قَدْ جَمَعَ بَيْعًا وَإِجَارَةً وَقَدْ فَاتَ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ عَقْدُ الْإِجَارَةِ فَانْفَسَخَتْ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا خَاصًّا فَمَاتَ وَإِذَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بَعْدَ قَبْضِ عِوَضِهَا رَجَعَ الْمُسْتَأْجَرُ بِعِوَضِ الْمَنْفَعَةِ.
(وَإِنْ تَعَذَّرَ) الْعَمَلُ عَلَى الْبَائِعِ (بِمَرَضٍ أُقِيمَ مَقَامَهُ مَنْ يَعْمَلُ وَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْبَائِعِ (كَالْإِجَارَةِ) لِمَا تَقَدَّمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute