اللَّهِ أَوْثَقُ وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَأَبْطَلَ الشَّرْطَ وَلَمْ يُبْطِلْ الْعَقْدَ.
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ " لَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى: وَاشْتَرِطِي عَلَيْهِمْ الْوَلَاءَ بِدَلِيلِ أَمْرِهَا بِهِ وَلَا يَأْمُرُهَا بِفَاسِدٍ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَهَا بِإِعْتَاقِهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى اشْتِرَاطِهِ وَلِأَنَّهُمْ أَبَوْا الْبَيْعَ إلَّا أَنْ تَشْتَرِطَ لَهُمْ الْوَلَاءَ فَكَيْفَ يَأْمُرُهَا بِمَا عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَهُ؟ وَأَمَّا أَمْرُهَا بِذَلِكَ فَلَيْسَ بِأَمْرٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا هُوَ صِيغَةُ أَمْرٍ بِمَعْنَى التَّسْوِيَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا} [الطور: ١٦] التَّقْدِيرُ: اشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ أَوْ لَا تَشْتَرِطِي وَلِهَذَا قَالَ عَقِبَهُ «فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» .
(وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ فِي نَفْسِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ (إلَّا الْعِتْقَ فَيَصِحُّ) أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِحَدِيثِ بَرِيرَةَ (وَيُجْبَرُ) الْمُشْتَرِي (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعِتْقِ (إنْ أَبَاهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى كَالنَّذْرِ، فَإِنْ امْتَنَعَ) الْمُشْتَرِي مِنْ عِتْقِهِ (أَعْتَقَهُ حَاكِمٌ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ عِتْقٌ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ قُرْبَةً الْتَزَمَهَا كَالنَّذْرِ وَكَمَا يُطْلَقُ عَلَى الْمَوْلَى.
وَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي بِشَرْطِ الْعِتْقِ لَمْ يَصِحَّ صَحَّحَهُ الْأَزَجِيُّ فِي نِهَايَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَسَلْسَلُ وَلِأَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّ الْعِتْقِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ يَمْنَعُ الصِّحَّةَ كَمَا لَوْ نَذَرَ عِتْقَ عَبْدٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَافَقَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ إنْ قُلْنَا: الْحَقُّ فِي الْعِتْقِ لِلَّهِ كَالْمَنْذُورِ عِتْقُهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ.
(وَإِنْ شَرَطَ رَهْنًا فَاسِدًا كَخَمْرٍ وَنَحْوِهِ) كَخِنْزِيرٍ لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ (أَوْ) شَرَطَ (خِيَارًا وَأَجَلًا مَجْهُولَيْنِ) بِأَنْ بَاعَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ، وَأَطْلَقَ أَوْ إلَى الْحَصَادِ وَنَحْوِهِ، أَوْ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ إلَى الْحَصَادِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ.
(أَوْ) شَرَطَ تَأْخِيرَ تَسْلِيمِ مَبِيعٍ بِلَا انْتِفَاعٍ بِهِ (لَغَا الشَّرْطُ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَصَحَّ الْبَيْعُ) كَمَا تَقَدَّمَ (وَيَأْتِي الرَّهْنُ فِي بَابِهِ وَلِلَّذِي فَاتَ غَرَضُهُ) بِفَسَادِ الشَّرْطِ مِنْ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ فِي (الْكُلِّ) أَيْ: كُلِّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ سَوَاءٌ (عَلِمَ بِفَسَادِ الشَّرْطِ أَوْ لَا: الْفَسْخُ) أَيْ: فَسْخُ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ الشَّرْطِ (أَوْ أَرْشِ مَا نَقَصَ مِنْ الثَّمَنِ بِإِلْغَائِهِ) أَيْ بِإِلْغَاءِ الشَّرْطِ (إنْ كَانَ) الْمُشْتَرِطُ (بَائِعًا) فَإِذَا بَاعَهُ بِأَنْقَصَ مِنْ ثَمَنِهِ، وَشَرَطَ شَرْطًا فَاسِدًا فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَبَيْنَ أَخْذِ أَرْشِ النَّقْصِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا بَاعَ بِنَقْصٍ لِمَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْغَرَضِ الَّذِي اشْتَرَطَهُ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ غَرَضُهُ رَجَعَ بِالنَّقْصِ (أَوْ مَا زَادَ إنْ كَانَ مُشْتَرِيًا) يَعْنِي إذَا اشْتَرَى بِزِيَادَةٍ عَلَى الثَّمَنِ، وَشَرَطَ شَرْطًا فَاسِدًا فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَأَخْذِ مَا زَادَ لِمَا تَقَدَّمَ.
النَّوْعُ (الثَّالِثُ) مِنْ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute