للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَطَاءٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ كَانَا يَأْمُرَانِ غَاسِلَ الْمَيِّتِ بِالْوُضُوءِ، وَكَانَ شَائِعًا لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ الْإِخْلَالُ بِهِ.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَقَلُّ مَا فِيهِ الْوُضُوءُ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ وَلِأَنَّ الْغَاسِلَ لَا يَسْلَمُ مِنْ مَسِّ عَوْرَةِ الْمَيِّتِ غَالِبًا فَأُقِيمَ مَقَامَهُ، كَالنَّوْمِ مَعَ الْحَدَثِ وَ (لَا) يَنْقُضُ (تَيَمُّمُهُ) أَيْ: الْمَيِّتِ (لِتَعَذُّرِ غُسْلٍ) لِعَدَمِ النَّصِّ فِيهِ (وَغَاسِلُ الْمَيِّتِ: مَنْ يُقَلِّبَهُ وَيُبَاشِرُهُ وَلَوْ مَرَّةً لَا مَنْ يَصُبُّ الْمَاءَ وَنَحْوَهُ) وَفُرِّقَ فِي الْمَيِّتِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، وَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَالْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ، لِلْعُمُومِ.

(السَّابِعُ) مِنْ النَّوَاقِضِ (أَكْلُ لَحْمِ الْجَزُورِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ وَلَا تَتَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ.

وَرَوَى مُسْلِمٌ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَالْأَوَّلُ صَحَّحَهُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ لَمْ نَرَ خِلَافًا بَيْنَ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ صَحِيحٌ.

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: ذَهَبَ إلَى هَذَا عَامَّةُ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ وَكَوْنِهِ (نِيئًا وَغَيْرَ نِيءٍ) وَلَا بَيْنَ كَوْنِ الْآكِلِ عَالِمًا بِالْحَدِيثِ أَوْ جَاهِلًا لَا يُقَالُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْوُضُوءِ غَسْلُ الْيَدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَقْرُونٌ بِالْأَكْلِ، كَمَا حُمِلَ عَلَيْهِ أَمْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْوُضُوءِ قَبْلَ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ الْوَارِدَ فِي الشَّرْعِ يُحْمَلُ عَلَى مَوْضُوعِهِ الشَّرْعِيِّ وَلِأَنَّهُ جَمْعٌ بَيْنَ مَا أَمَرَ بِهِ، وَهُوَ الْوُضُوءُ مِنْ لُحُومِهَا، وَبَيْنَ مَا نَهَى عَنْهُ وَهُوَ عَدَمُ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ.

وَالْمُخَالِفُ يَقُولُ: لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ السُّؤَال وَقَعَ عَنْ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ، وَالْوُضُوءُ الْمُقْتَرِنُ بِهَا لَا يُفْهَمُ مِنْهُ غَيْرُ الْوُضُوءِ الشَّرْعِيِّ وَلِأَنَّ مُقْتَضَى الْأَمْرِ الْإِيجَابُ، خُصُوصًا وَقَدْ سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ هَذَا اللَّحْمِ، فَأَجَابَ بِالْأَمْرِ بِالْوُضُوءِ فَلَوْ حُمِلَ عَلَى غَيْرِ الْوُجُوبِ لَكَانَ تَلْبِيسًا لَا جَوَابًا وَدَعْوَى النَّسْخِ مَرْدُودَةٌ بِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ: عَدَمُ إمْكَانِ الْجَمْعِ وَتَأَخُّرُ النَّاسِخِ وَوَجَبَ الْوُضُوءُ مِنْ أَكْلِ لَحْمِ الْجَزُورِ (تَعَبُّدًا) لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ فَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ.

فَ (لَا) يَجِبْ الْوُضُوءُ ب (شُرْبِ) (لَبَنِهَا وَمَرَقِ لَحْمِهَا، وَأَكْلِ كَبِدِهَا، وَطِحَالِهَا وَسَنَامِهَا) بِفَتْحِ السِّينِ (وَجِلْدِهَا وَكِرْشِهَا وَنَحْوِهِ) كَمُصْرَانِهَا؛ لِأَنَّ النَّصَّ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ.

(وَلَا) يَنْقُضُ (طَعَامٌ مُحَرَّمٌ أَوْ نَجِسٌ) وَلَوْ كَلَحْمِ خِنْزِيرٍ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي لَحْمِ الْإِبِلِ غَيْرُ مَعْقُولِ الْمَعْنَى فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ فِيهِ وَمَا رَوَى أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سُئِلَ عَنْ أَلْبَانِ الْإِبِلِ: فَقَالَ تَوَضَّئُوا مِنْ أَلْبَانِهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ.

وَعَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>