لَيْسَ بَيْعًا وَلَا فِي مَعْنَاهُ.
(وَلِكُلٍّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْخِيَارُ) أَيْ خِيَارُ الْمَجْلِسِ (مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا بِأَبْدَانِهِمَا عُرْفًا وَلَوْ أَقَامَا فِيهِ) أَيْ: فِي الْمَجْلِسِ (شَهْرًا أَوْ أَكْثَرَ) مِنْ شَهْرٍ (وَلَوْ) أَقَامَا (كُرْهًا) فَهُمَا عَلَى خِيَارِهِمَا لِعَدَمِ التَّفَرُّقِ (فَإِنْ تَفَرَّقَا بِاخْتِيَارِهِمَا سَقَطَ) خِيَارُهُمَا وَلَزِمَ الْبَيْعُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» (لَا) إنْ تَفَرَّقَا (كُرْهًا وَمَعَهُ) أَيْ: مَعَ تَفَرُّقِهِمَا مُكْرَهَيْنِ لَا يَسْقُطُ خِيَارُهُمَا.
(وَيَبْقَى الْخِيَارُ) لَهُمَا (فِي) هَذَا الْحَالِ إلَى أَنْ يَتَفَرَّقَا مِنْ (مَجْلِسٍ زَالَ الْإِكْرَاهُ فِيهِ) ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُكْرَهِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ شَرْعًا (فَإِنْ أُكْرِهَ أَحَدُهُمَا) وَحْدَهُ عَلَى التَّفَرُّقِ (انْقَطَعَ خِيَارُ صَاحِبِهِ) لِتَفَرُّقِهِ بِاخْتِيَارِهِ (وَيَبْقَى الْخِيَارُ لِلْمُكْرَهِ مِنْهُمَا فِي) حَالِ تَفَرُّقِهِ فِي (الْمَجْلِسِ الَّذِي زَالَ فِيهِ الْإِكْرَاهُ حَتَّى يَتَفَرَّقَا عَنْهُ) اخْتِيَارًا لِمَا تَقَدَّمَ.
(فَإِنْ تَرَاءَيَا) أَيْ: الْمُتَبَايِعَانِ وَهُمَا فِي مَجْلِسِ التَّبَايُعِ (سَبْعًا أَوْ ظَالِمًا خَشِيَاهُ فَهَرَبَا فَزَعًا مِنْهُ أَوْ حَمَلَهُمَا) مِنْ مَجْلِسِ التَّبَايُعِ (سَيْلٌ، أَوْ فَرَّقَتْهُمَا رِيحٌ، فَكَإِكْرَاهٍ قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ) فَيَثْبُتُ لَهُمَا الْخِيَارُ إلَى أَنْ يَتَفَرَّقَا مِنْ مَجْلِسٍ زَالَ فِيهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُلْجَأِ غَيْرُ مَنْسُوبٍ إلَيْهِ.
(وَمَتَى تَمَّ الْعَقْدُ وَتَفَرَّقَا) مِنْ مَجْلِسِهِ (لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَسْخُ) لِلُزُومِ الْبَيْعِ كَمَا تَقَدَّمَ (إلَّا بِعَيْبٍ أَوْ خِيَارٍ كَخِيَارِ شَرْطٍ أَوْ غَبْنٍ أَوْ تَدْلِيسٍ أَوْ نَحْوِهِ عَلَى مَا يَأْتِي) فِي الْبَابِ مُفَصَّلًا (أَوْ بِمُخَالَفَةِ شَرْطٍ صَحِيحٍ اُشْتُرِطَ) وَكَذَا فَاسِدٌ لِمَنْ فَاتَ غَرَضُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ.
(وَإِنْ تَبَايَعَا عَلَى أَنْ لَا خِيَارَ بَيْنَهُمَا) فَلَا خِيَارَ لَهُمَا (أَوْ قَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُك عَلَى أَنْ لَا خِيَارَ بَيْنَنَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي: قَبِلْتُ وَلَمْ يُزِدْ عَلَى ذَلِكَ) فَلَا خِيَارَ لَهُمَا (أَوْ أَسْقَطَا الْخِيَارَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْبَيْعِ (مِثْلَ أَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَعْدَ الْعَقْدِ: اخْتَرْت إمْضَاءَ الْعَقْدِ، أَوْ الْتِزَامَهُ سَقَطَ) خِيَارُهُمَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ عَنْ خِيَارٍ فَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ عَنْ خِيَارٍ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ» أَيْ لَزِمَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَالتَّخَايُرُ فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ وَبَعْدَهُ فِي الْمَجْلِسِ وَاحِدٌ (أَوْ) تَبَايَعَا عَلَى (أَنْ لَا خِيَارَ لِأَحَدِهِمَا بِمُفْرَدِهِ أَوْ أَسْقَطَهُ) أَحَدُهُمَا وَحْدَهُ (أَوْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: اخْتَرْ سَقَطَ) خِيَارُهُ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ السَّابِقِ (وَبَقِيَ خِيَارُ صَاحِبِهِ) ؛ لِأَنَّهُ خِيَارٌ فِي الْبَيْعِ فَلَمْ يَبْطُلْ حَقُّ مَنْ لَمْ يُسْقِطْهُ كَخِيَارِ الشَّرْطِ (وَيَبْطُلُ خِيَارُهُمَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا) لِأَنَّهَا أَعْظَمُ الْفِرْقَتَيْنِ (وَ) يَبْطُلُ خِيَارُهُمَا (بِهَرَبِهِ) أَيْ هَرَبِ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ لِوُجُودِ التَّفَرُّقِ وَ (لَا) يَبْطُلُ خِيَارُهُمَا (بِجُنُونِهِ) أَيْ: جُنُونِ أَحَدِهِمَا.
(وَهُوَ) أَيْ: الْمَجْنُونُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute