كَانَ الْخِيَار لَهُمَا) أَيْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ (أَوْ لِأَحَدِهِمَا) أَيَّهُمَا كَانَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَجَعَلَ الْمَالَ لِلْمُبْتَاعِ بِاشْتِرَاطِهِ وَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ بَيْعٍ؛ فَشَمِلَ بَيْعَ الْخِيَارِ، وَلِأَنَّ الْبَيْعَ تَمْلِيكٌ بِدَلِيلِ صِحَّتِهِ بِقَوْلِهِ: مَلَّكْتُكَ فَيَثْبُت بِهِ الْمِلْكُ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ كَسَائِرِ الْبَيْعِ، يُحَقِّقُهُ أَنَّ التَّمْلِيكَ يَدُلُّ عَلَى نَقْلِ الْمِلْكِ إلَى الْمُشْتَرِي وَيَقْتَضِيهِ لَفْظُهُ وَدَعْوَى الْقُصُورِ فِيهِ مَمْنُوعَةٌ وَجَوَازُ فَسْخِهِ لَا يُوجِبُ قُصُورَهُ وَلَا يَمْنَعُ نَقْلَ الْمِلْكِ فِيهِ كَالْمَعِيبِ وَامْتِنَاعُ التَّصَرُّفِ لِأَجْلِ حَقِّ الْغَيْرِ لَا يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْمِلْكِ كَالْمَرْهُونِ.
(فَإِنْ تَلِفَ) الْمَبِيعُ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ (أَوْ نَقَصَ) بِعَيْبٍ (وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ) فَمِنْ ضَمَانِ مُشْتَرٍ (إنْ لَمْ يَكُنْ مَكِيلًا وَنَحْوَهُ) كَمَوْزُونٍ وَمَعْدُود وَمَذْرُوع بِيعَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْهُ أَيْ لَمْ يَمْنَعْ الْمُشْتَرِي مِنْ الْقَبْضِ (الْبَائِعُ أَوْ كَانَ) مَبِيعًا بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ (وَقَبَضَهُ مُشْتَرٍ) وَتَلِفَ أَوْ (نَقَصَ) زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ (فَ) هُوَ (مِنْ ضَمَانِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي، لِأَنَّهُ مَالُهُ تَلِفَ بِيَدِهِ (وَيَبْطُلُ خِيَارُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي بِتَلَفِ الْمَبِيعِ الْمَضْمُونِ عَلَيْهِ لِاسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ بِذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ وَحَيْثُ قُلْنَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي (فَيَعْتِقُ) عَلَيْهِ (قَرِيبُهُ) كَأَبِيهِ وَأَخِيهِ إذَا اشْتَرَاهُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ وَكَذَا مَنْ عُلِّقَ عِتْقُهُ بِشِرَائِهِ أَوْ اعْتَرَفَ بِحُرِّيَّتِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ.
(وَيَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ) أَيْ إذَا اشْتَرَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ انْفَسَخَ النِّكَاحُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ.
(وَيُخْرِجُ) الْمُشْتَرِي (فِطْرَتَهُ) أَيْ الْمَبِيعِ إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ آخِرَ رَمَضَانَ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ (وَيَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِيَ (مُؤْنَةُ الْحَيَوَانِ وَ) مُؤْنَةُ الْعَبِيدِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ (وَلَوْ بَاعَ نِصَابًا مِنْ الْمَاشِيَةِ) السَّائِمَةِ (بِشَرْطِ الْخِيَارِ حَوْلًا زَكَّاهُ الْمُشْتَرِي) أُمْضِيَ الْبَيْعُ أَوْ فُسِخَ لِمُضِيِّ الْحَوْلِ وَهُوَ فِي مُلْكِهِ وَكَذَا لَوْ كَانَ النِّصَابُ مِنْ أَثْمَانٍ أَوْ عُرُوضِ تِجَارَةٍ اشْتَرَاهَا بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ حَوْلًا زَكَّاهَا لَهُ الْمُشْتَرِي فَإِنْ اشْتَرَى حَبًّا أَوْ ثَمَرَةً قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَصَحَّ بِأَنْ كَانَ مَالِكَ الْأَصْلِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ مُدَّةً، فَبَدَا صَلَاحُهَا فِيهَا ثُمَّ فَسَخَ الْعَقْدَ فَهَلْ زَكَاتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ الْمَالِكُ وَقْتَ الْوُجُوبِ أَوْ لَا، لِعَدَمِ الِاسْتِقْرَارِ؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ؟ وَيَتَوَجَّهُ إنْ فَسَخَ الْبَائِعُ فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ تَلِفَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَإِنْ فَسَخَ الْمُشْتَرِي فَعَلَيْهِ زَكَاتُهُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ.
(وَيَحْنَثُ الْبَائِعُ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَ) وَبَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَكَذَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي فَاشْتَرَى بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِوُجُودِ الصِّفَةِ.
(وَلَوْ بَاعَ مُحِلٌّ صَيْدًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ ثُمَّ أَحْرَمَ) الْبَائِعُ (فِي مُدَّتِهِ) أَيْ الْخِيَارِ (فَلَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute