مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ أَحَدِهِمَا إنَّمَا هُوَ لِاسْتِدْرَاكِ ظُلَامَتِهِ، لِكَوْنِ الْحَقِّ لَهُ وَكُلُّ مِنْهُمَا هُنَا الْحَقُّ لَهُ وَعَلَيْهِ فَلَمْ يَبْقَ طَرِيقٌ إلَى التَّوَصُّلِ لِلْحَقِّ إلَّا بِفَسْخِ الْحَاكِمِ هَذَا مَعْنَى تَعْلِيلِ الْمُنَقِّحِ فِي حَاشِيَتِهِ.
(وَ) إذَا فَسَخَ الْحَاكِمُ الْبَيْعَ (رَدَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ، وَيُطَالِبُ) الْمُشْتَرِي (بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ) الْمَعِيبِ بِعَيْبِهِ الْأَوَّلِ (لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إهْمَالُ الْعَيْبِ) مِنْ حَيْثُ هُوَ (بِلَا رِضًا وَلَا أَخْذِ أَرْشٍ) لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَرْضَ بِإِمْسَاكِهِ مَعِيبًا وَلَمْ يُمْكِنْهُ أَخْذُ أَرْشِ الْعَيْبِ الْأَوَّلِ، وَلَا رَدُّهُ مَعَ أَرْشِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ لِإِفْضَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى الرِّبَا.
(وَإِنْ اشْتَرَى حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ فَحَدَثَ بِهِ عَيْبٌ عِنْدَ مُشْتَرٍ) وَلَوْ (قَبْلَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ حَدَثَ فِي الرَّقِيقِ بَرَصٌ أَوْ جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ) وَلَوْ (قَبْلَ مُضِيِّ سَنَةٍ فَ) الْعَيْبُ (مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ نَصًّا) وَلَا أَرْشَ كَمَا لَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ.
(وَإِنْ ظَهَرَ) الْمُشْتَرِي (عَلَى عَيْبٍ فِي الْحُلِيِّ) الْمَبِيعِ بِزِنَتِهِ دَرَاهِمَ (أَوْ) فِي (الْقَفِيزِ) الْمَبِيعِ بِمِثْلِهِ (بَعْدَ تَلَفِهِ عِنْدَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (فَسَخَ) الْمُشْتَرِي (الْعَقْدَ) لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى اسْتِدْرَاكِ ظُلَامَتِهِ (وَرَدَّ) الْبَائِعُ (الْمَوْجُودَ وَهُوَ الثَّمَنُ، وَتَبْقَى قِيمَةُ الْمَبِيعِ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا، أَوْ مِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي، لِاسْتِقْرَارِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْأَرْشِ، لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى الرِّبَا كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَا فَسْخَ بِعَيْبٍ يَسِيرٍ كَصُدَاعٍ وَحُمَّى يَسِيرَةٍ وَ) سَقْطِ (آيَاتٍ يَسِيرَةٍ فِي مُصْحَفٍ لِلْعَادَةِ كَغَبْنٍ يَسِيرٍ وَكَيَسِيرِ التُّرَابِ وَالْعَقْدِ فِي الْبُرِّ قَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ لَا يَنْقُصُ شَيْءٌ مِنْ أُجْرَةِ النَّاسِخِ بِعَيْبٍ يَسِيرٍ) لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ غَالِبًا.
(وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الْعَيْبُ يَسِيرًا، بَلْ كَانَ كَثِيرًا (فَلَا أُجْرَةَ لِمَا وَضَعَهُ) النَّاسِخُ (فِي غَيْرِ مَكَانِهِ) بِأَنْ قَدَّمَهُ عَلَى مَوْضِعِهِ، أَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهِ وَالْعَقْدُ عَلَيْهِ (وَعَلَيْهِ نَسْخُهُ فِي مَكَانِهِ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِالْعَقْدِ (وَيَلْزَمُهُ) أَيْ النَّاسِخَ (قِيمَةُ مَا أَتْلَفَهُ بِذَلِكَ) التَّقْدِيمِ أَوْ التَّأْخِيرِ (مِنْ الْكَاغَدِ) لِتَعَدِّيهِ.
(وَإِنْ ظَهَرَ فِي الْمَأْجُورِ عَيْبٌ) تَنْقُصُ بِهِ أُجْرَتُهُ عَادَةً (فَلَا أَرْشَ لَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَأْجِرِ إنْ اخْتَارَ الْإِمْسَاكَ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ كَامِلَةً (وَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ) مُفَصَّلًا (وَالْأَرْشُ: قِسْطُ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الصَّحِيحِ وَالْمَعِيبِ، فَيَرْجِعُ) الْمُشْتَرِي إذَا اخْتَارَ الْإِمْسَاكَ (بِ) مِثْلِ (نِسْبَتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ) الْمَعْقُودِ بِهِ نَصَّ عَلَيْهِ (فَيُقَوَّمُ الْمَبِيعُ صَحِيحًا، ثُمَّ يُقَوَّمُ مَعِيبًا) فَيُؤْخَذُ قِسْطُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الثَّمَنِ (فَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ - مَثَلًا - مِائَةً وَخَمْسِينَ، فَيُقَوَّمُ الْمَبِيعُ صَحِيحًا بِمِائَةِ) دِرْهَمٍ.
(وَمَعِيبًا بِتِسْعِينَ، فَالْعَيْبُ نَقَصَ عَشْرَةَ) دَرَاهِمَ (نِسْبَتُهُ إلَى قِيمَتِهِ صَحِيحًا) وَهِيَ مِائَةٌ (عَشْرٌ فَتَنْسُبُ ذَلِكَ إلَى الْمِائَةِ وَخَمْسِينَ تَجِدُهُ خَمْسَةَ عَشْرَ وَهُوَ الْوَاجِبُ لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute