(كَيْلًا إلَّا إذَا عُلِمَ تَسَاوِيهِمَا فِي مِعْيَارِهِ) أَيْ الْأَصْلِ (الشَّرْعِيِّ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَزْنًا بِوَزْنٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ فَمَنْ زَادَ أَوْ اسْتَزَادَ فَهُوَ رِبًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ مَرْفُوعًا «الْبُرُّ بِالْبُرِّ مُدَّيْنِ بِمُدَّيْنِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مُدَّيْنِ بِمُدَّيْنِ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ مُدَّيْنِ بِمُدَّيْنِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ مُدَّيْنِ بِمُدَّيْنِ، فَمَنْ زَادَ أَوْ أَزْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى» فَاعْتَبَرَ الشَّارِعُ الْمُسَاوَاةَ فِي الْمَوْزُونَاتِ بِالْوَزْنِ وَفِي الْمَكِيلَاتِ بِالْكَيْلِ فَمَنْ خَالَفَ ذَلِكَ خَرَجَ عَنْ الْمَشْرُوعِ الْمَأْمُورِ بِهِ، إذْ الْمُسَاوَاةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِيمَا يَحْرُمُ فِيهِ التَّفَاضُلُ: هِيَ الْمُسَاوَاةُ فِي مِعْيَارِهِ الشَّرْعِيِّ.
(فَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ جَازَ بَيْعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا وَجِزَافًا مُتَفَاضِلًا) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَ «فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ» (كَذَهَبٍ بِفِضَّةٍ وَ) كَ (تَمْرٍ بِزَبِيبٍ وَ) كَ (حِنْطَةٍ بِشَعِيرٍ وَ) كَ (أُشْنَانٍ بِمِلْحٍ وَ) كَ (جِصٍّ بِنَوْرَةٍ وَنَحْوِهِ) كَحَدِيدٍ بِنُحَاسٍ، وَخَزٍّ بِكَتَّانٍ.
(وَالْجِنْسُ: مَا لَهُ اسْمٌ خَاصٌّ يَشْمَلُ أَنْوَاعًا) أَيْ الْجِنْسُ هُوَ الشَّامِلُ لِأَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ بِأَنْوَاعِهَا (وَالنَّوْعُ: هُوَ الشَّامِلُ لِأَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ بِأَشْخَاصِهَا) وَقَدْ يَكُونُ النَّوْعُ جِنْسًا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا تَحْتَهُ وَالْجِنْسُ نَوْعًا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا فَوْقَهُ وَالْمُرَادُ هُنَا: الْجِنْسُ الْأَخَصُّ وَالنَّوْعُ الْأَخَصُّ فَكُلُّ نَوْعَيْنِ اجْتَمَعَا فِي اسْمٍ خَاصٍّ فَهُوَ جِنْسٌ ثُمَّ مَثَّلَهُ فَقَالَ (كَذَهَبٍ) وَأَنْوَاعِهِ الْمَغْرِبِيِّ وَالدَّكْرُورِيِّ.
(وَفِضَّةٍ) وَأَنْوَاعُهَا: الرِّيَالُ وَالْبَنَادِقَةُ وَنَحْوُهَا (وَبَزٍّ) وَأَنْوَاعُهُ: الْبُحَيْرِيُّ وَالصَّعِيدِيُّ (وَشَعِيرٍ) كَذَلِكَ (وَتَمْرٍ) وَأَنْوَاعِهِ: الْبَرْنِيِّ وَالْمَقْلِيِّ وَالصَّيْحَانِيِّ وَغَيْرِهَا (وَمِلْحٍ) وَأَنْوَاعِهِ الْمَنْزَلَاوِيِّ وَالدِّمْيَاطِيِّ.
(فَكُلُّ شَيْئَيْنِ فَأَكْثَرُ أَصْلُهُمَا وَاحِدٌ فَهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مَقَاصِدُهُمَا، كَدُهْنِ وَرْدٍ وَ) دُهْنِ (بَنَفْسَجٍ) ، وَدُهْنِ (زَنْبَقٍ، وَ) دُهْنِ (يَاسَمِينٍ) وَنَحْوِهَا كَدُهْنِ بَانٍ (إذَا كَانَتْ كُلُّهَا مِنْ دُهْنٍ وَاحِدٍ) كَالشَّيْرَجِ فَهِيَ جِنْسٌ وَاحِدٌ لِاتِّحَادِ أَصْلِهَا وَإِنَّمَا طُيِّبَتْ بِهَذِهِ الرَّيَاحِينِ فَنُسِبَتْ إلَيْهَا فَلَمْ تَصِرْ أَجْنَاسًا (وَقَدْ يَكُونُ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ مُشْتَمِلًا عَلَى جِنْسَيْنِ، كَالتَّمْرِ يَشْتَمِلُ عَلَى النَّوَى وَغَيْرِهِ وَهُمَا) أَيْ النَّوَى وَمَا عَلَيْهِ (جِنْسَانِ) بَعْدَ النَّزْعِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا اسْمٌ خَاصٌّ يَشْمَلُ أَنْوَاعًا.
(وَ) كَ (اللَّبَنِ يَشْتَمِلُ عَلَى الْمَخِيضِ وَعَلَى الزُّبْدِ، وَهُمَا) أَيْ الْمَخِيضِ وَالزُّبْدِ (جِنْسَانِ) لِمَا تَقَدَّمَ (فَمَا دَامَا) أَيْ التَّمْرُ وَالنَّوَى أَوْ الْمَخِيضُ وَالزُّبْدُ (مُتَّصِلَيْنِ اتِّصَالَ خِلْقَةٍ فَهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ) لِاتِّحَادِ الِاسْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute