التَّفَكُّهِ فَلِحَاجَةِ الِاقْتِيَاتِ أَوْلَى وَالْقِيَاسُ عَلَى الرُّخْصَةِ جَائِزٌ إذَا فُهِمَتْ الْعِلَّةُ.
(وَلَا يُبَاعُ الرُّطَبُ الَّذِي عَلَى الْأَرْضِ بِتَمْرٍ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ كَمَا سَبَقَ (وَلَا تَصِحُّ فِي سَائِرِ الثِّمَارِ) اقْتِصَارًا عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ، وَغَيْرُهَا لَا يُسَاوِيهَا فِي الْحَاجَةِ.
وَفِي التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ رَافِعٍ وَسَهْلٍ مَرْفُوعًا «أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْمُزَابَنَةِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ إلَّا أَصْحَابَ الْعَرَايَا فَإِنَّهُ قَدْ أَذِنَ لَهُمْ وَعَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ» .
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ رِبَوِيٍّ بِجِنْسِهِ وَمَعَ أَحَدِهِمَا أَوْ مَعَهُمَا) أَيْ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ (مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِمَا كَمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمِثْلِهِمَا) أَيْ بِمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ وَلَوْ كَانَ الدِّرْهَمَانِ وَالْمُدَّانِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ (أَوْ بِمُدَّيْنِ) مِنْ عَجْوَةٍ (أَوْ بِدِرْهَمَيْنِ) نَصَّ عَلَيْهِ وَتُسَمَّى مَسْأَلَةَ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ وَلَوْ كَانَ الدِّرْهَمَانِ وَالْمُدَّانِ مِنْ نَوْعٍ وَلِمَا رَوَى فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ «أُتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقِلَادَةٍ فِيهَا خَرَزٌ وَذَهَبٌ ابْتَاعَهَا رَجُلٌ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ أَوْ بِسَبْعَةِ دَنَانِيرَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا، حَتَّى تُمَيِّزَ مَا بَيْنَهُمَا قَالَ فَرَدَّهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَفِي لَفْظِ مُسْلِمٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِالذَّهَبِ الَّذِي فِي الْقِلَادَةِ فَنُزِعَ وَحْدَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ» وَلِلْأَصْحَابِ فِي تَوْجِيهِ الْبُطْلَانِ مَأْخَذَانِ:
أَحَدُهُمَا وَهُوَ مَأْخَذُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الصَّفْقَةَ إذَا جَمَعَتْ شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْقِيمَةِ انْقَسَمَ الثَّمَنُ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهَا كَمَا لَوْ اشْتَرَى شِقْصًا وَسَيْفًا فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِقِسْطِهِ مِنْهُ وَهَذَا يُؤَدِّي هُنَا إمَّا إلَى الْعِلْمِ بِالتَّفَاضُلِ، أَوْ إلَى الْجَهْلِ بِالتَّسَاوِي وَكِلَاهُمَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ فَإِنَّهُ إذَا بَاعَ دِرْهَمًا وَمُدًّا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ بِمُدَّيْنِ يُسَاوَيَانِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ كَانَ الدِّرْهَمُ فِي مُقَابَلَةِ ثُلُثَيْ مُدٍّ وَيَبْقَى مُدٌّ فِي مُقَابَلَةِ مُدٍّ وَثُلُثٍ وَذَلِكَ رِبًا فَلَوْ فُرِضَ التَّسَاوِي كَمُدٍّ يُسَاوِي دِرْهَمًا وَدِرْهَمٍ بِمُدٍّ يُسَاوِي دِرْهَمًا وَدِرْهَمٍ، لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ ظَنٌّ وَتَخْمِينٌ فَلَا يَتَحَقَّقُ مَعَهُ الْمُسَاوَاةُ وَالْجَهْلُ بِالتَّسَاوِي كَالْعِلْمِ بِالتَّفَاضُلِ.
وَضَعَّفَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ ابْنُ رَجَبٍ، قَالَ لِأَنَّ التَّقْسِيمَ هُوَ قِسْمَةُ الثَّمَنِ عَلَى قِيمَةِ الْمُثَمَّنِ، لَا أَجْزَاءِ أَحَدِهِمَا عَلَى قِيمَةِ الْآخَرِ وَالْمَأْخَذُ الثَّانِي سَدُّ ذَرِيعَةِ الرِّبَا لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَلِكَ حِيلَةً عَلَى الرِّبَا الصَّرِيحِ كَبَيْعِ مِائَةِ دِرْهَمٍ فِي كِيسٍ بِمِائَتَيْنِ، جَعْلًا لِلْمِائَةِ فِي مُقَابَلَةِ الْكِيسِ، وَقَدْ لَا يُسَاوِي دِرْهَمًا وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ إيمَاءٌ إلَى هَذَا الْمَأْخَذِ.
(وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى آخَرَ (دِرْهَمًا وَقَالَ أَعْطِنِي بِنِصْفِ هَذَا الدِّرْهَمِ نِصْفَ دِرْهَمٍ وَبِنِصْفِهِ الْآخَرِ فُلُوسًا، أَوْ حَاجَةً) كَخُبْزٍ وَنَحْوِهِ جَازَ (أَوْ) دَفَعَ إلَيْهِ دِرْهَمًا وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute