سَائِرِ الْأَعْصَارِ، جَارٍ بَيْنَهُمْ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ.
(لَكِنْ يُكْرَهُ) ضَرْبُ النَّقْدِ الْمَغْشُوشِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَامَلُ بِهِ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ (فَإِنْ اجْتَمَعَتْ عِنْدَهُ دَرَاهِمُ زُيُوفٌ) أَيْ نُحَاسٌ (فَإِنَّهُ يَسْبِكُهَا وَلَا يَبِيعَهَا وَلَا يُخْرِجُهَا فِي مُعَامَلَةٍ وَلَا صَدَقَةٍ فَإِنَّ قَابِضَهَا رُبَّمَا خَلَطَهَا بِدَرَاهِمَ جَيِّدَةٍ وَأَخْرَجَهَا عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ حَالَهَا فَيَكُونُ) ذَلِكَ (تَغْرِيرًا بِالْمُسْلِمَيْنِ) وَإِدْخَالًا لِلْغَرَرِ عَلَيْهِمْ قَالَ أَحْمَدُ إنِّي أَخَافُ أَنْ يَغُرَّ بِهَا مُسْلِمًا وَقَالَ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَغُرَّ بِهَا الْمُسْلِمِينَ وَلَا أَقُولُ: أَنَّهُ حَرَامٌ قَالَ فِي الشَّرْحِ: فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ إنَّمَا كَرِهَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّغْرِيرِ بِالْمُسْلِمِينَ.
(وَكَانَ) عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (يَكْسِرُ الزُّيُوفَ وَهُوَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ فِي) بَابِ (زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ أَيْضًا كَلَامُ الشَّيْخِ فِي الْكِيمْيَاءِ) وَأَنَّهَا غِشٌّ فَتَحْرُمُ مُطْلَقًا، (وَقَالَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْكُتُبِ الَّتِي تَشْتَمِلُ عَلَى مَعْرِفَةِ صِنَاعَتِهَا وَيَجُوزُ إتْلَافُهَا انْتَهَى) دَفْعًا لِضَرَرِهَا.
(وَيَحْرُمُ قَطْعُ دِرْهَمٍ وَدِينَارٍ) وَنَحْوهِمَا مِنْ السِّكَّةِ الْجَائِزَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ (وَكَسْرُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدِّينَارِ وَنَحْوِهِمَا.
(وَلَوْ) كَانَ كَسْرُهُ (لِصِيَاغَةٍ وَإِعْطَاءِ سَائِلٍ) لِعُمُومِ " نَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ كَسْرِ السِّكَّةِ الْجَائِزَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ " وَلِأَنَّ فِيهِ تَضْيِيقًا لِلْمُعَامَلَةِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ رَدِيئًا) ، أَوْ يُخْتَلَفَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا هَلْ هُوَ جَيِّدٌ أَوْ رَدِيءٌ فَيَجُوزُ كَسْرُهُ اسْتِظْهَارًا لِحَالِهِ.
(وَتُكْرَهُ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ عَلَى الدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ وَالْحِيَاصَةِ قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَنَثْرُهَا) أَيْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ (عَلَى الرَّاكِبِ) وَيَأْتِي فِي الْوَلِيمَةِ: يُكْرَهُ نِثَارُهُ وَالْتِقَاطُهُ (وَأَوَّلُ مَا ضُرِبَتْ الدَّرَاهِمُ) ضَرْبَ الْإِسْلَامِ (عَلَى عَهْدِ الْحَجَّاجِ) الثَّقَفِيِّ فِي خِلَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ.
(وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ تُرَابِ الصَّاغَةِ وَ) تُرَابِ (الْمَعْدِنِ بِشَيْءٍ مِنْ جِنْسِهِ) فَتُرَابُ مَعْدِنِ الذَّهَبِ وَصِيَاغَتِهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِذَهَبٍ لِلْجَهْلِ بِالتَّسَاوِي وَيَجُوزُ بِفِضَّةٍ وَتُرَابُ مَعْدِنٍ لِلْفِضَّةِ وَصِيَاغَتُهَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِفِضَّةٍ كَذَلِكَ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِذَهَبٍ لَا يُؤَثِّرُ اسْتِتَارُ الْمَقْصُودِ بِالتُّرَابِ فِي الْمَعْدِنِ لِأَنَّهُ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ، فَهُوَ كَالرُّمَّانِ وَنَحْوِهِ وَتُرَابُ الصَّاغَةِ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ (وَالْحِيَلُ الَّتِي تُحَرِّمُ حَلَالًا أَوْ تُحَلِّلُ حَرَامًا) أَيْ الَّتِي يُتَوَسَّلُ بِهَا إلَى ذَلِكَ (كُلُّهَا مُحَرَّمَةٌ لَا تَجُوزُ فِي شَيْءٍ مِنْ الدَّيْنِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَقَدْ أَمِنَ أَنْ يَسْبِقَ فَهُوَ قِمَارٌ وَمَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَسْبِقَ فَلَيْسَ بِقِمَارٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ فَجَعَلَهُ قِمَارًا مَعَ إدْخَالِ الْفَرَسِ الثَّالِثِ لِكَوْنِهِ لَا يَمْنَعُ مَعْنَى الْقِمَارِ وَهُوَ كَوْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute