لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ يُرَجَّحُ بِهِ، فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ إلَّا بِمَا ذُكِرَ (وَإِنْ تَقَدَّمَ نَوْمَهُ سَبَبٌ مِنْ بَرْدٍ أَوْ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ أَوْ مُلَاعَبَةٍ أَوْ انْتِشَارٍ) لَمْ يَجِبْ غُسْلٌ لِعَدَمِ يَقِينِ الْحَدَثِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الطَّهَارَةِ قُلْتُ: وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ غَسْلِ مَا أَصَابَهُ مِنْ ثَوْبٍ وَبَدَنٍ، لِرُجْحَانِ كَوْنِهِ مَذْيًا، بِقِيَامِ سَبَبِهِ إقَامَةً لِلظَّنِّ مَقَامَ الْيَقِينِ كَمَا لَوْ وَجَدَ فِي نَوْمِهِ حُلْمًا، فَإِنَّا نُوجِبُ الْغُسْلَ عَلَيْهِ لِرُجْحَانِ كَوْنِهِ مَنِيًّا، بِقِيَامِ سَبَبِهِ.
وَقَالَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ لَا يَجِبُ غَسْلُ الثَّوْبِ وَلَا الْبَدَنِ جَمِيعًا لِتَرَدُّدِ الْأَمْرِ فِيهِمَا، نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي تَرْجَمَتِهِ فِي الطَّبَقَاتِ.
وَقَالَ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُشْبِهُ مَسْأَلَةَ الرَّجُلَيْنِ إذَا وَجَدَا عَلَى فِرَاشِهِمَا مَنِيًّا، وَلَمْ يَعْلَمَا مَنْ خَرَجَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِحَالِهِ فِي الثَّوْبِ؛ لِأَنَّا نَتَيَقَّنُ بِذَلِكَ حُصُولَ الْمُفْسِدِ لِصَلَاتِهِ، وَهُوَ إمَّا الْجَنَابَةُ وَإِمَّا النَّجَاسَةُ (أَوْ تَيَقَّنَهُ) أَيْ: الْبَلَلَ (مَذْيًا لَمْ يَجِبْ غُسْلٌ) بَلْ يُغْسَلُ مَا أَصَابَهُ وُجُوبًا.
(وَلَا يَجِبُ) الْغُسْلُ (بِحُلْمٍ بِلَا بَلَلٍ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ (فَإِنْ انْتَبَهَ) مَنْ احْتَلَمَ (ثُمَّ خَرَجَ) الْمَنِيُّ (إذَنْ وَجَبَ) الْغُسْلُ مِنْ حِينِ الِاحْتِلَامِ؛ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ كَانَ قَدْ اُنْتُقِلَ حِينَهُ.
تَتِمَّةٌ قَالَ فِي الْهَدْيِ نَقْلًا عَنْ ابْنِ مَاسَوَيْهِ: مَنْ احْتَلَمَ فَلَمْ يَغْتَسِلْ حَتَّى وَطِئَ أَهْلَهُ، فَوَلَدَتْ مَجْنُونًا أَوْ مُخْتَلًّا فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ.
(وَإِنْ وَجَدَ مَنِيًّا فِي ثَوْبٍ لَا يَنَامُ فِيهِ غَيْرُهُ) قَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَالْأَزَجِيُّ: لَا بِظَاهِرِهِ، لِجَوَازِهِ مِنْ غَيْرِهِ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ مُرَادُ الْأَصْحَابِ فِيمَا يَظْهَرُ (فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ) لِوُجُودِ مُوجِبِهِ (وَإِعَادَةُ الْمُتَيَقَّنِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَهُوَ) أَيْ: الْمَنِيُّ (فِيهِ) أَيْ: الثَّوْبِ قَالَ ابْنُ قُنْدُسٍ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعِيدُ مَا تَيَقَّنَ أَنَّهُ صَلَّاهُ بَعْدَ وُجُودِ الْمَنِيِّ، وَمَا شَكَّ فِيهِ لَا يُعِيدُهُ.
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَالْأَوْلَى إعَادَةُ صَلَوَاتِ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَمَا يَصِلُ بِهِ الْيَقِينُ فِي بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ إذَا تَوَضَّأَ مِنْ مَاءٍ ثُمَّ عَلِمَ نَجَاسَتَهُ يُعِيدُ، وَنَصُّهُ: حَتَّى يَتَيَقَّنَ بَرَاءَتَهُ.
وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: بَعْدَ ظَنِّهِ نَجَاسَتَهُ قَالَ ابْنُ قُنْدُسٍ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْفَرْقُ أَنَّ الْمَنِيَّ الْأَصْلُ عَدَمُهُ، فَيَكُونُ فِي وَقْتِ الشَّكِّ كَالْمَعْدُومِ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَوَضَّأَ مِنْ مَاءٍ ثُمَّ عَلِمَ نَجَاسَتَهُ، فَإِنَّهُ فِي وَقْتِ الشَّكِّ قَدْ شَكَّ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ رَفْعِهِ فَيَكُونُ الْحَدَثُ فِي وَقْتِ الشَّكِّ كَالْمَوْجُودِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ (وَإِنْ كَانَ يَنَامُ هُوَ) أَيْ: مَنْ وَجَدَ الْمَنِيَّ فِي الثَّوْبِ.
(وَغَيْرُهُ فِيهِ) أَيْ: فِي ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute