مِنْ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ وَنَحْوِهِمَا (أَوْ كَانَ) الْمُسْلَمُ فِيهِ (قَدِيمُهُ دُونَ حَدِيثِهِ كَالْحُبُوبِ أَوْ كَانَ) الْمُسْلَمُ فِيهِ (حَيَوَانًا، أَوْ مَا يَحْتَاجُ فِي حِفْظِهِ إلَى مُؤْنَةٍ كَالْقُطْنِ وَنَحْوِهِ أَوْ كَانَ الْوَقْتُ مَخُوفًا فَيَخْشَى) الْمُسْلَمُ عَلَى مَا يَقْبِضُهُ (لَمْ يَلْزَمْ الْمُسْلَمَ قَبُولُهُ) أَيْ: قَبُولُ السَّلَمِ قَبْلَ مَحَلِّهِ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ الضَّرَرِ فِيهِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَبْضِهِ) أَيْ: الْمُسْلَمِ فِيهِ (ضَرَرٌ وَلَا يَتَغَيَّرُ) أَيْ: يَخْتَلِفُ قَدِيمُهُ وَحَدِيثُهُ (كَالْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ وَالزَّيْتِ وَالْعَسَلِ وَنَحْوِهَا لَزِمَهُ قَبْضُهُ) لِأَنَّ الْغَرَضَ حَاصِلٌ، مَعَ زِيَادَةِ تَعْجِيلِ الْمَنْفَعَةِ فَجَرَى مَجْرَى زِيَادَةِ الصِّفَةِ.
(وَحَيْثُ قُلْنَا: يَلْزَمهُ الْقَبْضُ) لِكَوْنِهِ بَعْدَ مَحَلِّهِ، أَوْ عِنْدَهُ، أَوْ قَبْلَهُ وَلَا ضَرَرَ وَأَتَاهُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ عَلَى صِفَتِهِ (وَامْتَنَعَ) الْمُسْلَمُ (مِنْهُ) أَيْ: مِنْ قَبْضِهِ (قِيلَ) أَيْ: قَالَ (لَهُ) الْحَاكِمُ (إمَّا أَنْ تَقْبِضَ حَقَّكَ وَإِمَّا أَنْ تُبْرِئَ مِنْهُ فَإِنْ أَبَى) الْأَمْرَيْنِ (رَفَعَ) الْمُسْلِمُ إلَيْهِ (الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ فَقَبَضَهُ) أَيْ: الْمُسْلَمَ فِيهِ (لَهُ وَبَرِئَتْ ذِمَّةُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِيهِ) أَيْ: فِي ذَلِكَ الْمَقْبُوضِ مِنْهُ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُمْتَنِعِ بِوِلَايَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُبْرِئَ قُلْتُ: وَقِيَاسُهُ لَوْ غَابَ الْمُسْلِمُ (وَكَذَا) أَيْ: وَكَدَيْنِ السَّلَمِ (كُلُّ دَيْنٍ لَمْ يَحِلَّ إذَا أَتَى) صَاحِبُهُ (بِهِ) يَلْزَمُهُ قَبْضُهُ حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِ وَإِنْ أَتَى بِهِ عِنْدَ مَحَلِّهِ أَوْ بَعْدَهُ لَزِمَهُ مُطْلَقًا (وَيَأْتِي إذَا عَجَّلَ الْكِتَابَةَ قَبْلَ مَحَلِّهَا) أَيْ: حُلُولِهَا فِي بَابِ الْكِتَابَةِ.
(لَكِنْ لَوْ أَرَادَ) إنْسَانٌ (قَضَاءَ دَيْنٍ عَنْ غَيْرِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ رَبُّ الدَّيْنِ، أَوْ أَعْسَرَ زَوْجٌ بِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ فَبَذَلَهَا أَجْنَبِيٌّ) وَكَذَا لَوْ لَمْ يُعْسِرْ وَبَذَلَهَا أَجْنَبِيٌّ (فَلَمْ تَقْبَلْ) الزَّوْجَةُ (لَمْ يُجْبَرَا) أَيْ: رَبُّ الدَّيْنِ وَالزَّوْجَةُ عَلَى الْقَبُولِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ: لِمَا فِيهِ مِنْ تَحَمُّلِ مِنَّةِ الدَّافِعِ وَتَمْلِكُ الزَّوْجَةُ حِينَئِذٍ الْفَسْخَ بِالْإِعْسَارِ، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: فَبَذَلَهَا أَجْنَبِيٌّ أَنَّهُ لَوْ أَعْسَرَ الزَّوْجُ وَبَذَلَهَا قَرِيبُهُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، كَوَالِدِهِ وَوَلَدِهِ، وَأَخِيهِ وَجَبَ عَلَيْهَا الْقَبُولُ وَأُجْبِرَتْ عَلَيْهِ وَلَا فَسْخَ لَهَا (إلَّا أَنْ يَكُونَ) مَنْ أَرَادَ قَضَاءَ الدَّيْنِ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ بَذَلَ النَّفَقَةِ لِلزَّوْجَةِ (وَكِيلًا) عَنْ الْمَدِينِ أَوْ الزَّوْجِ فَيُجْبَرَانِ عَلَى الْقَبُولِ مِنْهُ لِقِيَامِهِ مَقَامَ مُوَكِّلِهِ (كَتَمْلِيكِهِ) أَيْ: تَمْلِيكِ الْأَجْنَبِيِّ (لِلزَّوْجِ أَوْ الْمَدْيُونِ) مَا يُنْفِقُهُ أَوْ يَفِي بِهِ دَيْنُهُ، إذَا قَبَضَاهُ وَوَفَّيَا بِهِ مَا عَلَيْهِمَا أُجْبِرَتْ الزَّوْجَةُ وَرَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الْقَبُولِ مِنْهُ لِعَدَمِ الْمِنَّةِ عَلَيْهِمَا إذَنْ.
(وَلَيْسَ) يَلْزَمُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ (لِلْمُسْلِمِ إلَّا أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الصِّفَةُ) الَّتِي عَقَدَ عَلَيْهَا فَإِذَا آتَاهُ بِهِ لَمْ يَطْلُبْ مِنْهُ أَعْلَى مِنْهُ لِأَنَّهُ آتَاهُ بِمَا تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ فَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ مِنْهُ.
(وَ) يَجِبُ (عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَنْ يُسْلِمَ الْحُبُوبَ) الْمُسْلَمَ فِيهَا (نَقِيَّةً) أَيْ: خَالِصَةً (مِنْ التِّبْنِ وَ) مِنْ (الْعُقَدِ وَ) مِنْ (غَيْرِ جِنْسِهَا) كَتُرَابٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute