للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا يَسْتَقْرِضُ إلَّا مِنْ حَاجَةٍ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

وَالْقَرْضُ (مُبَاحٌ لَلْمُقْتَرِضِ) وَلَيْسَ مَكْرُوهًا لِفِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ كَانَ مَكْرُوهًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ (وَلَا إثْمَ عَلَى مَنْ سُئِلَ فَلَمْ يُقْرِضْ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، بَلْ مَنْدُوبٌ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَيْسَ هُوَ) أَيْ: سُؤَالُ الْقَرْضِ (مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْمُومَةِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذهُ بِعِوَضِهِ فَأَشْبَهَ الشِّرَاءَ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ.

(وَيَنْبَغِي) لِلْمُقْتَرِضِ (أَنْ يُعْلِمَ الْمُقْرِضَ بِحَالِهِ وَلَا يَغُرَّهُ مِنْ نَفْسِهِ وَلَا يَسْتَقْرِضُ إلَّا مَا يَقْدِرُ أَنْ يُؤَدِّيَهُ، إلَّا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ الَّذِي لَا يَتَعَذَّرُ مِثْلُهُ) عَادَةً لِئَلَّا يَضُرَّ بِالْمُقْرِضِ.

(وَكَرِهَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ الشِّرَاءَ بِدَيْنٍ وَلَا وَفَاءَ) لِلدَّيْنِ (عِنْدَهُ، إلَّا الْيَسِيرُ) لِعَدَمِ تَعَذُّرِهِ عَادَةً.

(وَكَذَا الْفَقِيرُ يَتَزَوَّجُ) الْمَرْأَةَ (الْمُوسِرَةَ يَنْبَغِي أَنْ يُعْلِمَهَا بِحَالِهِ) أَيْ: فَقْرِهِ (لِئَلَّا يَغُرَّهَا) .

(وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ قَدْرِهِ) أَيْ: الْقَرْضِ (بِمِقْدَارٍ مَعْرُوفٍ) مِنْ مِكْيَالٍ أَوْ صَنْجَةٍ أَوْ ذِرَاعٍ كَسَائِرِ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ (فَلَوْ اقْتَرَضَ دَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ غَيْرَ مَعْرُوفَةِ الْوَزْنِ لَمْ يَصِحَّ) الْقَرْضُ لِلْجَهَالَةِ بِمِقْدَارِهَا فَيَتَعَذَّرُ رَدُّ مِثْلِهَا.

(وَإِنْ كَانَتْ) الدَّرَاهِمُ أَوْ الدَّنَانِيرُ (عَدَدِيَّةً يُتَعَامَلُ بِهَا عَدَدًا) لَا وَزْنًا (جَازَ قَرْضُهَا عَدَدًا وَيُرَدُّ) بَدَلُهَا (عَدَدًا) عَمَلًا بِالْعُرْفِ (وَلَوْ اقْتَرَضَ مَكِيلًا) جِزَافًا (أَوْ مَوْزُونًا جِزَافًا وَقَدَّرَهُ) أَيْ: الْمَكِيلَ (بِمِكْيَالٍ بِعَيْنِهِ، أَوْ) قَدَّرَ الْمَوْزُونَ ب (صَنْجَةٍ بِعَيْنِهَا، غَيْرِ مَعْرُوفِينَ عِنْدَ الْعَامَّةِ لَمْ يَصِحَّ) الْقَرْضُ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ تَلَفَ ذَلِكَ فَيَتَعَذَّرُ رَدُّ الْمِثْلِ (كَالسَّلَمِ) وَإِنْ كَانَ لَهُمَا عُرْفٌ صَحَّ الْقَرْضُ لَا التَّعْيِينُ.

(وَيُشْتَرَطُ وَصْفُهُ) أَيْ: مَعْرِفَةُ وَصْفِهِ لِيُرَدَّ بَدَلَهُ.

(وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ يَكُونَ الْمُقْرِضُ مِمَّنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ) ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ إرْفَاقٍ فَلَمْ يَصِحَّ إلَّا مِمَّنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ كَالصَّدَقَةِ (وَمِنْ شَأْنِهِ) أَيْ: الْقَرْضِ (أَنْ يُصَادِفَ ذِمَّةً) قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الدَّيْنُ لَا يَثْبُتُ إلَّا فِي الذِّمَمِ وَمَتَى أُطْلِقَتْ الْأَعْوَاضُ تَعَلَّقَتْ بِهَا.

وَلَوْ عُيِّنَتْ الدُّيُونُ مِنْ أَعْيَانِ الْأَمْوَالِ لَمْ يَصِحَّ (فَلَا يَصِحُّ قَرْضُ جِهَةٍ كَمَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ) كَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ (وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ، فِي بَابِ الْوَقْفِ: وَلِلنَّاظِرِ الِاسْتِدَانَةُ عَلَيْهِ بِلَا إذْنِ حَاكِمٍ لِمَصْلَحَةٍ، كَشِرَائِهِ لَهُ) أَيْ: لِلْوَقْفِ (نَسِيئَةً أَوْ بِنَقْدٍ لَمْ يُعَيِّنْهُ) .

وَفِي بَابِ اللَّقِيطِ: يَجُوزُ الِاقْتِرَاضُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ لِنَفَقَةِ اللَّقِيطِ وَكَذَا قَالَ فِي الْمُوجِزِ: يَصِحُّ قَرْضُ حَيَوَانٍ وَثَوْبٍ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَلِآحَادِ الْمُسْلِمِينَ نَقَلَهُ فِي الْفُرُوعِ قُلْتُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الدَّيْنَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْمُقْتَرِضِ، وَبِهَذِهِ الْجِهَاتِ كَتَعَلُّقِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ الْجَانِي فَلَا يَلْزَمُ الْمُقْتَرِضَ الْوَفَاءُ مِنْ مَالِهِ، بَلْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>