للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيْ: مِنْ غَيْرِ الْعَيْنِ.

وَفِي الزَّرْكَشِيّ: تَوْثِقَةُ دَيْنٍ بِعَيْنٍ أَوْ بِدَيْنٍ عَلَى قَوْلٍ - يُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْهُ إنْ تَعَذَّرَ الْوَفَاءُ مِنْ غَيْرِهِ انْتَهَى فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمُقَدَّمَ لَا يَصِحُّ رَهْنُ الدَّيْنِ، وَلَوْ لِمَنْ هُوَ عِنْدَهُ، خِلَافًا لِمَا قَدَّمَهُ فِي السَّلَمِ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَالرَّهْنُ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ وَسَنَدُهُ قَوْله تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: ٢٨٣] وَالسُّنَّةُ مُسْتَفِيضَةٌ بِذَلِكَ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ بِالدَّيْنِ، فَلَمْ يَجِبْ كَالضَّمَانِ.

(وَيَجُوزُ فِي الْحَضَرِ كَالسَّفَرِ) خِلَافًا لِمُجَاهِدٍ لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذِكْرُ السَّفَرِ فِي الْآيَةِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، لِكَوْنِ الْكَاتِبِ يُعْدَمُ فِي السَّفَرِ غَالِبًا وَهُوَ لَا يَشْتَرِطُ عَدَمَ الْكَاتِبِ مَعَ ذِكْرِهِ فِيهَا.

(وَهُوَ لَازِمٌ فِي حَقِّ الرَّاهِنِ) أَيْ: بَعْدَ قَبْضِهِ لِأَنَّ الْحَظَّ فِيهِ لِغَيْرِهِ فَلَزِمَ مِنْ جِهَتِهِ، كَالضَّمَانِ فِي حَقِّ الضَّامِنِ (جَائِزٌ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ) لِأَنَّ الْحَظَّ فِيهِ لَهُ وَحْدَهُ فَكَانَ لَهُ فَسْخُهُ كَالْمَضْمُونِ لَهُ وَ (يَجُوزُ عَقْدُهُ) أَيْ: الرَّهْنِ (مَعَ الْحَقِّ) بِأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك هَذَا بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ تَرْهَنُنِي بِهَا عَبْدَك فُلَانًا فَيَقُولُ الْآخَرُ: اشْتَرَيْت مِنْك وَرَهَنْتُك عَبْدِي لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى جَوَازِهِ إذَنْ.

(وَ) يَجُوزُ عَقْدُهُ (بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ الْحَقِّ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ ثَابِتٌ تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَى أَخْذِ الْوَثِيقَةِ بِهِ كَالضَّمَانِ، وَ (لَا) يَجُوزُ عَقْدُهُ (قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ الْحَقِّ؛ لِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ بِحَقٍّ فَلَمْ يَجُزْ قَبْلَ ثُبُوتِهِ كَالشَّهَادَةِ؛ وَلِأَنَّ الرَّهْنَ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، فَلَا يَسْبِقُهُ كَالثَّمَنِ لَا يَتَقَدَّمُ الْبَيْعَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الضَّمَانِ أَنَّ الضَّمَانَ الْتِزَامُ مَالٍ تَبَرُّعًا بِالْقَوْلِ فَجَازَ فِي غَيْرِ حَقٍّ ثَابِتٍ كَالنَّذْرِ.

(وَالْمَرْهُونُ: كُلُّ عَيْنٍ مَعْلُومَةٍ جُعِلَتْ وَثِيقَةً بِحَقٍّ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْهَا) إنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِهِ (أَوْ مِنْ ثَمَنِهَا) إنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ جِنْسِهِ وَكَثِيرًا مَا يُطْلَقُ الرَّهْنُ وَيُرَادُ بِهِ الْمَرْهُونُ، مِنْ إطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ.

(وَالْمُرَادُ كُلُّ عَيْنٍ يَجُوزُ بَيْعُهَا) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الِاسْتِيثَاقُ بِالدَّيْنِ، لِيُتَوَصَّلَ إلَى اسْتِيفَائِهِ مِنْ ثَمَنِ الرَّهْنِ عِنْدَ تَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ مِنْ الرَّهْنِ وَهَذَا يَتَحَقَّقُ فِي كُلِّ عَيْنٍ يَصِحُّ بَيْعُهَا فَلَا يَجُوزُ رَهْنُ الْمَنَافِعِ؛ لِأَنَّهَا تُمْلَكُ إلَى حُلُولِ الْحَقِّ.

وَلَوْ رَهَنَهُ أُجْرَةَ دَارِهِ شَهْرًا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ (حَتَّى الْمُؤَجَّرِ) يَجُوزُ لِمَالِكِهِ رَهْنُهُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ فَهُوَ كَالْمُعَارِ (وَ) حَتَّى (الْمُكَاتَبِ) ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَإِيفَاءُ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهِ.

(وَيُمَكَّنُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ: الْمُكَاتَبُ (مِنْ الْكَسْبِ كَمَا كَانَ) قَبْلَ أَنْ يُرْهَنَ.

وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ مَنْعِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ (وَمَا أَدَّاهُ) مِنْ دَيْنِ الْكِتَابَةِ (رُهِنَ مَعَهُ) ؛ لِأَنَّهُ كَنَمَائِهِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ أَدَاءِ مَا بَقِيَ مِنْ الْكِتَابَةِ وَرُقَّ (كَانَ هُوَ وَكَسْبُهُ رَهْنًا)

<<  <  ج: ص:  >  >>