للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْعُهُ) ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا فَوَّتَ عَلَيْهِ الرَّهْنَ (وَهُوَ) أَيْ: الرَّهْنُ (أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ لَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنْ فِعْلِهِ خَوْفًا مِنْ الضَّمَانِ، وَذَلِكَ وَسِيلَةٌ إلَى تَعْطِيلِ الْمُدَايِنَاتِ، وَفِيهِ ضَرَرٌ عَظِيمٌ وَهُوَ مَنْفِيٌّ شَرْعًا؛ لِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ بِالدَّيْنِ فَلَا يُضْمَنُ كَالزِّيَادَةِ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ.

(وَلَوْ قَبْلَ الْعَقْدِ) بِأَنْ وَضَعَ لَهُ الْعَيْنَ لِيَرْهَنَهَا بَعْدُ فَتَلِفَتْ فَلَا ضَمَانَ (ك) مَا لَوْ تَلِفَ الرَّهْنُ (بَعْدَ الْوَفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ) مِنْ الدَّيْنِ.

(وَإِنْ تَلِفَ الرَّهْنُ بِغَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُ) أَيْ: الْمُرْتَهِنِ (أَوْ تَفْرِيطٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ: الْمُرْتَهِنِ (كَمَا لَوْ تَلِفَ تَحْتَ يَدِ الْعَدْلِ) ؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ أَمَانَةٌ بِيَدِهِ (وَلَيْسَ عَلَيْهِ) أَيْ: الْمُرْتَهِنِ مُؤْنَةُ (رَدِّهِ) بَلْ يُخَلِّي بَيْنَ الْمَالِكِ وَبَيْنَهُ (كَالْوَدِيعَةِ) وَالْأُجْرَةِ، بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ (فَإِنْ سَأَلَ مَالِكَهُ) أَيْ: الرَّهْنِ (دَفْعَهُ إلَيْهِ) بَعْد فَكِّهِ (لَزِمَ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْعَدْلِ دَفْعُهُ إلَيْهِ) أَيْ: أَنْ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، كَمَا تَقَدَّمَ (إذَا أَمْكَنَهُ) ذَلِكَ (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) الْمُرْتَهِنُ أَوْ الْعَدْلُ مَعَ الْإِمْكَانِ (صَارَ ضَامِنًا) بِمَنْعِهِ رَبَّهُ مِنْهُ بِلَا عُذْرٍ (وَإِنْ تَعَدَّى) الْمُرْتَهِنُ (فِيهِ) أَيْ: الرَّهْنِ (أَوْ فَرَّطَ زَالَ ائْتِمَانُهُ كَوَدِيعَةٍ وَيَصِيرُ) الرَّهْنُ (مَضْمُونًا) حِينَئِذٍ لِتَعَدِّيهِ أَوْ تَفْرِيطِهِ (وَالرَّهْنُ) بَاقٍ (بِحَالِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يُجْمَعُ أَمَانَةً وَاسْتِيثَاقًا فَإِذَا زَالَ أَحَدُهُمَا بَقِيَ الْآخَرُ.

(وَلَا يَسْقُطُ بِهَلَاكِهِ) أَيْ: الرَّهْنِ (شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ) إنْ لَمْ يَتَعَدَّ أَوْ يُفَرِّطْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ ثَابِتًا فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ قَبْلَ التَّلَفِ، لَمْ يُوجَدْ مَا يُسْقِطهُ فَبَقِيَ بِحَالِهِ (كَدَفْعِ عَبْدٍ) أَوْ نَحْوِهِ لِرَبِّ دَيْنٍ (يَبِيعُهُ وَيَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْ ثَمَنِهِ، وَكَحَبْسِ عَيْنٍ مُؤَجَّرَةٍ) تَعَجَّلَ رَبُّهَا أُجْرَتَهَا ثُمَّ انْفَسَخَ الْعَقْدُ (بَعْدَ الْفَسْخِ عَلَى الْأُجْرَةِ وَيَتْلَفَانِ) أَيْ: الْعَبْدُ الْمَدْفُوعُ لِمَنْ يَبِيعُهُ وَيَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْ ثَمَنِهِ وَالْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ الْمَحْبُوسَةُ عَلَى أُجْرَتِهَا بَعْدَ الْفَسْخِ فَلَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَلَا الْأُجْرَةُ بِتَلَفِهَا؛ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِهِمَا (بِخِلَافِ حَبْسِ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ الْمُتَمَيِّزَ عَلَى ثَمَنِهِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ) ثَمَنُهُ (بِتَلَفِهِ) فِي رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ عِوَضُهُ وَالرَّهْنُ لَيْسَ بِعِوَضِ الدَّيْنِ.

(وَإِذَا تَلِفَ الرَّهْنُ لَمْ يَلْزَمْ الرَّاهِنَ أَنْ يَرْهَنَ مَكَانَهُ رَهْنًا آخَرَ) ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ مِنْ أَصْلِهِ جَائِزٌ غَيْرُ وَاجِبٍ.

(وَإِنْ قَضَى بَعْضَ دَيْنِهِ) أَيْ: دَيْنِ الْمَدِينِ (أَوْ أَبْرَأَ مِنْهُ وَبِبَعْضِهِ) أَيْ: الدَّيْنِ (رَهْنٌ أَوْ كَفِيلٌ وَقَعَ عَمَّا نَوَاهُ الدَّافِعُ أَوْ الْمُبْرِئُ) ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ فِي ذَلِكَ لَهُ فَيَنْصَرِفُ إلَى مَا عَيَّنَهُ فَمَنْ عَلَيْهِ مِائَتَانِ بِأَحَدِهِمَا رَهْنٌ أَوْ كَفِيلٌ فَوَفَّى مِنْهُمَا مِائَةً، أَوْ أُبْرِئَ مِنْهَا فَإِنْ نَوَى الْقَاضِي أَوْ الْمُبْرِئُ الْمِائَةَ الَّتِي بِهَا الرَّهْنُ أَوْ الْكَفِيلُ وَقَعَ عَنْهَا وَانْفَكَّ الرَّهْنُ، وَبَرِيءَ الْكَفِيلُ، وَإِنْ نَوَى الْآخَرُ عَنْهَا وَقَعَ، وَالرَّهْنُ أَوْ الْكَفِيلُ بِحَالِهِ.

(وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ: الْقَاضِي أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>