للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّالِثُ) مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ (إسْلَامُ الْكَافِرِ، وَلَوْ مُرْتَدًّا أَوْ مُمَيِّزًا) لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ ثُمَامَةَ بْنَ أُثَالٍ أَسْلَمَ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اذْهَبُوا بِهِ إلَى حَائِطِ بَنِي فُلَانٍ فَمُرُوهُ أَنْ يَغْتَسِلَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ رِوَايَةِ الْعُمَرِيِّ وَقَدْ تُكُلِّمَ فِيهِ وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ مَقْرُونًا.

«وَعَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ أَنَّهُ أَسْلَمَ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَغْتَسِلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَلِأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ غَالِبًا مِنْ جَنَابَةٍ فَأُقِيمَتْ الْمَظِنَّةُ مُقَامَ الْحَقِيقَةِ، كَالنَّوْمِ وَالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ.

وَلِأَنَّ الْمُرْتَدَّ مُسَاوٍ لِلْأَصْلِيِّ فِي الْمَعْنَى وَهُوَ الْإِسْلَامُ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ (سَوَاءٌ وُجِدَ مِنْهُ فِي كُفْرِهِ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ) مِنْ نَحْوِ جِمَاعٍ أَوْ إنْزَالٍ (أَوْ لَا وَسَوَاءٌ اغْتَسَلَ قَبْلَ إسْلَامِهِ أَوْ لَا) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسْتَفْصِلْ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْحَالُ لَوَجَبَ الِاسْتِفْصَالُ (وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ: الَّذِي أَسْلَمَ (غُسْلٌ) آخَرُ (بِسَبَبِ حَدَثٍ وُجِدَ مِنْهُ فِي حَالِ كُفْرِهِ بَلْ يَكْفِيهِ غُسْلُ الْإِسْلَامِ) سَوَاءٌ نَوَى الْكُلَّ، أَوْ نَوَى غُسْلَ الْإِسْلَامِ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ لَا يَرْتَفِعَ غَيْرُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، فِيمَا إذَا اجْتَمَعَتْ أَحْدَاثٌ تُوجِبُ وُضُوءًا أَوْ غُسْلًا (وَوَقْتُ وُجُوبِهِ) أَيْ: غُسْلِ الْإِسْلَامِ (عَلَى الْمُمَيِّزِ) إذَا أَسْلَمَ (كَوَقْتِ وُجُوبِهِ عَلَى الْمُمَيِّزِ الْمُسْلِمِ إذَا جَامَعَ) يَعْنِي إذَا أَرَادَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى غُسْلٍ أَوْ وُضُوءٍ لِغَيْرِ لُبْثٍ بِمَسْجِدٍ أَوْ مَاتَ شَهِيدًا.

قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ، أَيْ: الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ إلَّا إذَا وُجِدَ فِي حَالِ كُفْرِهِ مَا يُوجِبُهُ، فَيَجِبُ (إلَّا حَائِضًا وَنُفَسَاءَ كِتَابِيَّتَيْنِ، إذَا اغْتَسَلَتَا لِوَطْءِ زَوْجٍ) مُسْلِمٍ (أَوْ سَيِّدٍ مُسْلِمٍ) انْتَهَى بِالْمَعْنَى (ثُمَّ أَسْلَمَتَا فَلَا يَلْزَمُهُمَا إعَادَةُ الْغُسْلِ) لِصِحَّتِهِ مِنْهُمَا، وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهِ لِلْعُذْرِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اغْتَسَلَ الْكَافِرُ لِجَنَابَةٍ ثُمَّ أَسْلَمَ وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ، لِعَدَمِ صِحَّتِهِ مِنْهُ.

وَهَذَا كَمَا عَلِمْتَ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْإِنْصَافِ وَقَدْ تَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ (وَيَحْرُمُ تَأَخُّرُ إسْلَامٍ لِغُسْلٍ أَوْ غَيْرِهِ) لِوُجُوبِهِ عَلَى الْفَوْرِ.

(وَلَوْ اسْتَشَارَ) كَافِرٌ (مُسْلِمًا) فِي الْإِسْلَامِ (فَأَشَارَ بِعَدَمِ إسْلَامِهِ) لَمْ يَجُزْ (أَوْ أَخَّرَ عَرْضَ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ بِلَا عُذْرٍ لَمْ يَجُزْ) لَهُ ذَلِكَ (وَلَمْ يَصِرْ) الْمُسْلِمُ (مُرْتَدًّا) خِلَافًا لِصَاحِبِ التَّتِمَّةِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَرَدَّ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ.

(الرَّابِعُ) مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ: (الْمَوْتُ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اغْسِلْنَهَا إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْآتِيَةِ فِي مَحَلِّهِ (تَعَبُّدًا) لَا عَنْ حَدَثٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَنْهُ لَمْ يَرْتَفِعْ مَعَ بَقَاءِ سَبَبِهِ، كَالْحَائِضِ، لَا تُغَسَّلُ مَعَ جَرَيَانِ الدَّمِ وَلَا عَنْ نَجِسٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>