الْحُضُورَ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ وَلَوْ قَالَ الْكَفِيلُ فِي الْكَفَالَةِ: إنْ عَجَزْت عَنْ إحْضَارِهِ أَوْ مَتَى عَجَزْت عَنْ إحْضَارِهِ كَانَ عَلَيَّ الْقِيَامُ بِمَا أُقِرُّ بِهِ فَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: لَمْ يَبْرَأْ بِمَوْتِ الْمَكْفُولِ وَلَزِمَهُ مَا عَلَيْهِ قَالَ: وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ، وَأَفْتَيْت فِيهَا بِلُزُومِ الْمَالِ.
(أَوْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ الْمَكْفُولُ بِهَا) وَلَوْ عَارِيَّةً وَنَحْوَهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ (بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ بِهَا بَرِئَ الْكَفِيلُ) ؛ لِأَنَّ تَلَفَهَا بِمَنْزِلَةِ مَوْتِ الْمَكْفُولِ بِهِ وَظَاهِرُهُ: أَنَّهَا إذَا تَلِفَتْ بِفِعْلِ آدَمِيٍّ لَمْ يَبْرَأْ الْكَفِيلُ وَعَلَى الْمُتْلِفِ بَدَلُهَا (لَا بِمَوْتِ الْكَفِيلِ) فَلَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِمَوْتِهِ (فَيُؤْخَذُ مَنْ تَرِكَتِهِ مَا كَفَلَ بِهِ) يَعْنِي حَيْثُ تَعَذَّرَ إحْضَارُ الْمَكْفُولِ بِهِ كَمَا لَوْ مَاتَ الضَّامِنُ.
(فَإِنْ كَانَ) مَا عَلَى الْمَكْفُولِ بِهِ (دَيْنًا مُؤَجَّلًا فَوَثَّقَ وَرَثَتُهُ) أَيْ: الْكَفِيلُ (بِرَهْنٍ) بِحِرْزٍ (أَوْ ضَمِينٍ) مَلِيءٍ لَمْ يَحِلَّ دَيْنٌ قَبْلَ أَجَلِهِ (وَإِلَّا) يُوَثِّقُوا بِذَلِكَ حَلَّ الدَّيْنُ، لِمَا يَأْتِي فِي الْحَجْرِ (وَلَا) يَبْرَأُ الْكَفِيلُ (بِمَوْتِ الْمَكْفُولِ لَهُ) كَالضَّمَانِ (وَوَرَثَتُهُ) أَيْ: وَرَثَةُ الْمَكْفُولِ لَهُ (كَهُوَ فِي الْمُطَالَبَةِ) لِلْكَفِيلِ (بِإِحْضَارِهِ) أَيْ: الْمَكْفُولِ بِهِ؛ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ إلَيْهِمْ، كَسَائِرِ حُقُوقِهِ.
(وَإِنْ ادَّعَى الْكَفِيلُ) بِالْمَالِ أَوْ الْبَدَنِ (بَرَاءَةَ الْمَكْفُولِ بِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَسُقُوطَ الْمُطَالَبَةِ) لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ (أَوْ قَالَ) الضَّامِنُ أَوْ الْكَفِيلُ (لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ أَوْ الْمَكْفُولِ بِهِ (دَيْنٌ حِينَ) ضَمِنْته، أَوْ (كَفَلْته فَقَوْلُ) الْمَضْمُونِ لَهُ وَ (الْمَكْفُولِ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ صِحَّةُ الْكَفَالَةِ وَالضَّمَانِ فَإِنْ نَكِلَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ.
وَإِذَا مَاتَ الْمَدْيُونُ فَأَبْرَأْهُ رَبُّ الدَّيْنِ فَلَمْ تَقْبَلْ وَرَثَتُهُ بَرِئَ مَعَ كَفِيلِهِ.
(وَإِذَا طَالَبَ الْكَفِيلُ بِهِ بِالْحُضُورِ مَعَهُ) لِرَبِّ الْحَقِّ (لَزِمَهُ ذَلِكَ، إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِإِذْنِهِ) وَلَوْ لَمْ يُطَالِبْهُ بِهِ رَبُّ الْحَقِّ؛ لِأَنَّهُ شَغَلَ ذِمَّتَهُ مِنْ أَجْلِهِ بِإِذْنِهِ فَلَزِمَهُ تَخْلِيصُهُ، كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ مِنْهُ عَبْدَهُ لِيَرْهَنَهُ (أَوْ طَالَبَهُ) أَيْ: الْكَفِيلَ (صَاحِبُ الْحَقِّ بِإِحْضَارِهِ) أَيْ: الْمَكْفُولِ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكْفُلْهُ لَهُ بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّ حُضُورَ الْمَكْفُولِ بِهِ حَقٌّ لِلْمَكْفُولِ لَهُ وَقَدْ اسْتَنَابَ الْكَفِيلَ فِي ذَلِكَ بِمُطَالَبَتِهِ بِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ صَرَّحَ بِالْوَكَالَةِ.
(وَإِلَّا) بِأَنْ كَفَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَلَمْ يُطَالِبْهُ صَاحِبُ الْحَقِّ بِإِحْضَارِهِ (فَلَا) يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ مَعَهُ إلَى رَبِّ الْحَقِّ؛ لِأَنَّ الْمَكْفُولَ بِهِ لَمْ يَشْغَلْ ذِمَّتَهُ وَإِنَّمَا شَغَلَهَا الْكَفِيلُ بِاخْتِيَارِهِ وَلَمْ يُوَكِّلْهُ صَاحِبُ الْحَقِّ.
(فَإِنْ كَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ غَائِبًا غِيبَةً تُعْلَمُ غَيْرَ مُنْقَطِعَةٍ) بِأَنْ غَابَ بِمَوْضِعٍ مَعْلُومٍ (وَلَوْ) كَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ (مُرْتَدًّا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ) بِمَوْضِعٍ مَعْلُومٍ (أُمْهِلَ) الْكَفِيلُ (بِقَدْرِ مَا يَمْضِي) إلَى مَحَلِّ الْمَكْفُولِ بِهِ (وَيُحْضِرُهُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute