الْحَوَالَةُ (بِالْخَمْسَةِ عَلَى خَمْسَةٍ مِنْ الْعَشَرَةِ) لِلْمُرَافَقَةِ (وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُ سَبَبَيْ الدَّيْنَيْنِ) بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا عَنْ قَرْضٍ وَالْآخَرُ ثَمَنَ مَبِيعٍ أَوْ نَحْوِهِ.
الشَّرْطُ (الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ) الْحَوَالَةُ (بِمَالٍ مَعْلُومٍ عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ مِمَّا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَغَيْرِهَا كَمَعْدُودٍ وَمَذْرُوعٍ) ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ بَيْعًا فَلَا يَصِحُّ فِي مَجْهُولٍ وَإِنْ كَانَتْ تَحَوُّلَ الْحَقُّ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا التَّسْلِيمُ وَالْجَهَالَةُ تَمْنَعُ مِنْهُ وَلَا تَصِحُّ فِيمَا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ كَالْجَوْهَرِ وَإِنْ أَحَالَ بِإِبِلِ الدِّيَةِ عَلَى إبِلِ الْقَرْضِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّهُ يَرُدُّ الْقِيمَةَ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ لَمْ يَصِحَّ مُطْلَقًا وَفِي الْحَوَالَةِ بِإِبِلِ الدِّيَةِ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ مِثْلُهَا وَجْهَانِ: قَالَ الْقَاضِي: تَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا تَخْتَصُّ بِأَقَلِّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ فِي السِّنِّ وَالْقِيمَةِ وَسَائِرِ الصِّفَاتِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ.
(قَالَ الشَّيْخُ: الْحَوَالَةُ عَلَى مَالِهِ فِي الدِّيوَانِ) وَمِثْلُهُ الْحَوَالَةُ عَلَى مَالِهِ فِي الْوَقْفِ (إذَنْ فِي الِاسْتِيفَاءِ فَقَطْ) كَمَا تَقَدَّمَ (وَلِلْمُحْتَالِ) إذَنْ (الرُّجُوعُ) كَعَزْلِ الْوَكِيلِ نَفْسَهُ (وَمُطَالَبَةِ مُحِيلِهِ) بِدَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ بِوَفَاءٍ وَلَا إبْرَاءٍ وَلَا حَوَالَةٍ حَقِيقَةٍ.
الشَّرْطُ (الرَّابِعُ: أَنْ يُحِيلَ بِرِضَاهُ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ مِنْ جِهَةِ الدَّيْنِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ (وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ لِلْمُحِيلِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْحَقَّ بِنَفْسِهِ وَبِوَكِيلِهِ وَقَدْ أَقَامَ الْمُحْتَالَ مُقَامَ نَفْسِهِ فِي الْقَبْضِ فَلَزِمَ الْمُحَالَ عَلَيْهِ الدَّفْعُ إلَيْهِ كَالْوَكِيلِ.
(وَلَا) يُعْتَبَرُ أَيْضًا (رِضَا الْمُحْتَالِ إنْ كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَلِيئًا فَيَجِبُ) عَلَى مَنْ أُحِيلَ عَلَى مَلِيءٍ (أَنْ يَحْتَالَ) لِظَاهِرِ قَوْلِهِ: «إذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ» (فَإِنْ امْتَنَعَ) الْمُحْتَالُ (أُجْبِرَ عَلَى قَبُولِهَا) أَيْ: الْحَوَالَةِ لِلْخَبَرِ (وَيَبْرَأُ الْمُحِيلُ بِمُجَرَّدِ الْحَوَالَةِ قَبْلَ الْأَدَاءِ، وَقَبْلَ إجْبَارِ) الْحَاكِمِ (الْمُحْتَالَ عَلَى قَبُولِهَا) أَيْ: الْحَوَالَةِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ، وَلَوْ مَاتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَوْ أَفْلَسَ أَوْ جَحَدَ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ.
وَفَسَّرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْمَلِيءَ، فَقَالَ: هُوَ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا بِمَالِهِ وَقَوْلِهِ وَبَدَنِهِ فَلِذَلِكَ قَالَ: (وَتُعْتَبَرُ الْمَلَاءَةُ فِي الْمَالِ وَالْقَوْلِ وَالْبَدَنِ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهَا زَادَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ.
(وَفِعْلِهِ) وَزَادَ فِي الْكُبْرَى عَلَيْهِمَا (وَتَمَكُّنِهِ مِنْ الْأَدَاء فَ) الْمَلَاءَةُ (فِي الْمَالِ: الْقُدْرَةُ عَلَى الْوَفَاءِ وَ) الْمَلَاءَةُ (فِي الْقَوْلِ: أَنْ لَا يَكُونَ مُمَاطِلًا وَ) الْمَلَاءَةُ (فِي الْبَدَنِ: إمْكَانُ حُضُورِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ) .
هَذَا مَعْنَى كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِعْلَهُ يَرْجِعُ إلَى عَدَمِ الْمَطْلِ إذْ الْبَاذِلُ غَيْرُ مُمَاطِلٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute