للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِإِذْنِ أَهْلِهِ) لِأَنَّ الدَّرْبَ مِلْكٌ لَهُمْ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ التَّصَرُّفُ فِيهِ إلَّا بِإِذْنِهِمْ.

(وَلَوْ صَالَحَ) مَنْ يُرِيدُ حَفْرَ الْبِئْرِ (أَهْلَ الدَّرْبِ عَنْ ذَلِكَ بِعِوَضٍ جَازَ) الصُّلْحُ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ (سَوَاءٌ حَفَرَهَا لِنَفْسِهِ أَوْ لِلسَّبِيلِ وَكَذَا إنْ فُعِلَ ذَلِكَ) أَيْ حُفِرَ الْبِئْرُ (فِي مِلْكِ إنْسَانٍ) لَمْ يَجُزْ إلَّا بِإِذْنِهِ وَإِنْ صَالَحَهُ عَنْهُ بِعِوَضٍ جَازَ.

(وَإِذَا كَانَ ظَهْرُ دَارِهِ فِي دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ فَفَتَحَ بَابًا) فِيهِ (لِغَيْرِ الِاسْتِطْرَاقِ جَازَ لَهُ لِأَنَّ لَهُ رَفْعَ جَمِيعِ حَائِطِهِ) فَبَعْضُهُ أَوْلَى.

(وَلَا يَجُوزُ) لَهُ وَلَا لِأَحَدٍ (الِاسْتِطْرَاقُ) مِنْهُ (إلَّا بِإِذْنِهِمْ) لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ.

(وَإِنْ صَالَحَهُمْ) عَنْ ذَلِكَ بِعِوَضٍ (جَازَ) الصُّلْحُ وَكَانَ لَازِمًا لِأَنَّ ذَلِكَ حَقُّهُمْ فَجَازَ لَهُمْ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (وَيَجُوزُ) لِمَنْ ظَهْرُ دَارِهِ (فِي دَرْبٍ نَافِذٍ) أَنْ يَفْتَحَ لَهُ بَابًا لِلِاسْتِطْرَاقِ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمُجْتَازِينَ.

(قَالَ الشَّيْخُ وَإِنْ كَانَ لَهُ بَابٌ فِي دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ يَسْتَطْرِقُ مِنْهُ اسْتِطْرَاقًا خَاصًّا مِثْلَ أَبْوَابِ السِّرِّ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا النِّسَاءُ أَوْ الرَّجُلُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ هَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَطْرِقَ مِنْهَا اسْتِطْرَاقًا عَامًّا؟ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ هَذَا انْتَهَى) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنَّمَا اسْتَحَقَّ الِاسْتِطْرَاقَ كَذَلِكَ فَلَا يَتَعَدَّاهُ.

(وَيَحْرُمُ) عَلَى الْجَارِ (إحْدَاثُهُ فِي مِلْكِهِ مَا يَضُرَّ بِجَارِهِ) لِخَبَرِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ.

(وَيُمْنَعُ) الْجَارُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ إحْدَاثِ مَا يَضُرُّ بِجَارِهِ (إذَا) أَرَادَ (فِعْلَهُ) لِمَا تَقَدَّمَ (كَ) مَا يُمْنَعُ مِنْ (ابْتِدَاءِ إحْيَائِهِ) مَا يَضُرُّ بِجَارِهِ وَأَمْثِلَةُ إحْدَاثِ مَا يَضُرُّ بِالْجَارِ (كَحَفْرِ كَنِيفٍ إلَى جَنْبِ حَائِطِ جَارِهِ) يَضُرُّهُ (وَبِنَاءِ حَمَّامٍ يَتَأَذَّى بِذَلِكَ وَنَصْبِ تَنُّورٍ يَتَأَذَّى) جَارُهُ (بِاسْتِدَامَةِ دُخَانِهِ، وَعَمَلِ دُكَّانِ قِصَارَةٍ أَوْ حِدَادَةٍ يَتَأَذَّى بِكَثْرَةِ دَقِّهِ، وَ) يَتَأَذَّى (بِهَزِّ الْحِيطَانِ) مِنْ ذَلِكَ.

(وَ) نَصْبِ (رَحَى) يَتَأَذَّى بِهَا جَارُهُ (وَحَفْرِ بِئْرٍ يَنْقَطِعُ بِهَا مَاءُ بِئْرِ جَارِهِ، وَسَقْيٍ، وَإِشْعَالِ نَارٍ يَتَعَدَّيَانِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْجَارِ (وَنَحْوِ ذَلِكَ) مِنْ كُلِّ مَا يُؤْذِيهِ.

(وَيَضْمَنُ) مَنْ أَحْدَثَ بِمِلْكِهِ مَا يَضُرُّ بِجَارِهِ (مَا تَلِفَ بِهِ) أَيْ بِسَبَبِ الْإِحْدَاثِ، لِتَعَدِّيهِ بِهِ (بِخِلَافِ طَبْخِهِ) أَيْ الْجَارِ (وَخَبْزِهِ فِيهِ) أَيْ فِي مِلْكِهِ عَلَى الْعَادَةِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ.

(وَيُمْنَعُ) رَبُّ حَمَّامٍ وَنَحْوِهِ (مِنْ إجْرَاءِ مَاءِ الْحَمَّامِ) وَنَحْوِهِ (فِي نَهْرِ غَيْرِهِ) لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (وَإِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي حَصَلَ مِنْهُ الضَّرَرُ) لِلْجَارِ مِنْ حَمَّامٍ وَرَحَى وَنَحْوِهِمَا (سَابِقًا) عَلَى مِلْكِ الْجَارِ (مِثْلَ مَنْ لَهُ فِي مِلْكِهِ مَدْبَغَةٌ وَنَحْوُهَا) مِنْ رَحَى وَتَنُّورٍ (فَأَحْيَا إنْسَانٌ إلَى جَانِبِهِ مَوَاتًا

<<  <  ج: ص:  >  >>