وَالْمَسْحِ (أَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثَيْنِ وَأَطْلَقَ) فَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْأَكْبَرِ وَلَا بِالْأَصْغَرِ أَجْزَأَ عَنْهُمَا لِشُمُولِ الْحَدَثِ لَهُمَا (أَوْ) نَوَى (اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ أَوْ) نَوَى (أَمْرًا لَا يُبَاحُ إلَّا بِوُضُوءٍ وَغُسْلٍ كَمَسِّ مُصْحَفٍ) وَطَوَافٍ (أَجْزَأَ عَنْهُمَا) لِاسْتِلْزَامِ ذَلِكَ رَفْعَهُمَا (وَسَقَطَ التَّرْتِيبُ وَالْمُوَالَاةُ) لِدُخُولِ الْوُضُوءِ فِي الْغُسْلِ فَصَارَ الْحُكْمُ لِلْغُسْلِ كَالْعُمْرَةِ مَعَ الْحَجِّ.
(وَإِنْ نَوَى) مَنْ عَلَيْهِ غُسْلٌ بِالْغُسْلِ اسْتِبَاحَةَ (قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ارْتَفَعَ الْأَكْبَرُ فَقَطْ) ؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ إنَّمَا تَتَوَقَّفُ عَلَى رَفْعِهِ لَا عَلَى رَفْعِ الْأَصْغَرِ (وَإِنْ نَوَى) الْجُنُبُ وَنَحْوُهُ (أَحَدَهُمَا) أَيْ: نَوَى رَفْعَ أَحَدِ الْحَدَثَيْنِ: الْأَكْبَرِ، أَوْ الْأَصْغَرِ (لَمْ يَرْتَفِعْ غَيْرُهُ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» وَقَالَ الْأَزَجِيُّ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إذَا نَوَى الْأَكْبَرَ ارْتَفَعَ.
(وَمَنْ تَوَضَّأَ قَبْلَ غُسْلِهِ) يَعْنِي أَوْ فِي أَوَّلِهِ (كُرِهَ لَهُ إعَادَتُهُ بَعْدَ الْغُسْلِ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَتَوَضَّأُ بَعْدَ الْغُسْلِ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ (إلَّا أَنْ يَنْتَقِضَ وُضُوءُهُ بِمَسِّ فَرْجِهِ أَوْ غَيْرِهِ) كَمَسِّ امْرَأَةٍ لِشَهْوَةٍ أَوْ بِخُرُوجِ خَارِجٍ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ لِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَتُسْتَحَبُّ لِنَحْوِ قِرَاءَةٍ وَأَذَانٍ، لِوُجُودِ سَبَبِهِ.
(وَإِنْ نَوَتْ مَنْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا) أَوْ نِفَاسُهَا (بِغُسْلِهَا حِلَّ الْوَطْءِ صَحَّ) غُسْلُهَا، وَارْتَفَعَ الْحَدَثُ الْأَكْبَرُ؛ لِأَنَّ حِلَّ وَطْئِهَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رَفْعِهِ وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا نَوَتْ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ، وَهُوَ الْوَطْءُ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَطْءِ وَحِلِّهِ.
(وَيُسَنُّ لِكُلِّ جُنُبٍ وَلَوْ امْرَأَةٍ وَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ) قُلْتُ: وَكَافِرٍ أَسْلَمَ قِيَاسًا عَلَيْهِمْ (إذَا أَرَادُوا النَّوْمَ أَوْ الْأَكْلَ أَوْ الشُّرْبَ أَوْ الْوَطْءَ ثَانِيًا أَنْ يَغْسِلَ فَرْجَهُ) لِإِزَالَةِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْأَذَى (وَيَتَوَضَّأُ) رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ أَمَّا كَوْنُهُ يُسْتَحَبُّ بِالنَّوْمِ، فَلِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، «أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: نَعَمْ إذَا تَوَضَّأَ فَلْيَرْقُدْ» .
وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ فَرْجَهُ وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
وَأَمَّا كَوْنُهُ يُسْتَحَبُّ لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَلِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ قَالَتْ: «رَخَّصَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْجُنُبِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَأَمَّا كَوْنُهُ يُسْتَحَبُّ لِمُعَاوَدَةِ الْوَطْءِ فَلِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «: إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُعَاوِدَ فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ وَزَادَ فَإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلْعَوْدِ (لَكِنَّ الْغُسْلَ لِ) مُعَاوَدَةِ (الْوَطْءِ أَفْضَلُ) مِنْ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ أَنْشَطُ (وَيَأْتِي فِي عِشْرَةِ النِّسَاءِ وَلَا يَضُرُّ نَقْضُهُ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute