(وَمِنْهَا) أَيْ شُرُوطِ الشَّرِكَةِ (أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ النَّقْدَيْنِ الْمَضْرُوبَيْنِ) لِأَنَّهُمَا ثَمَنُ الْمَبِيعَاتِ وَقِيَمُ الْأَمْوَالِ وَالنَّاسُ يَشْتَرِكُونَ بِهِمَا مِنْ زَمَنِ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى زَمَنِنَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ (فَلَا تَصِحُّ شَرِكَةُ الْعَنَانِ وَلَا الْمُضَارَبَةُ بِعَرْضٍ، وَلَوْ) كَانَ الْعَرْضُ (مِثْلِيًّا) كَبُرٍّ وَحَرِيرٍ، لِأَنَّ قِيمَتَهُ رُبَّمَا زَادَتْ قَبْلَ بَيْعِهِ فَيُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِي نَمَاءِ الْعَيْنِ الَّتِي هِيَ مِلْكُهُ (وَلَا) تَصِحُّ الشَّرِكَةُ وَلَا الْمُضَارَبَةُ (بِقِيمَتِهِ) أَيْ الْعَرْضِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ قَدْ تَزِيدُ بِحَيْثُ تَسْتَوْعِبُ جَمِيعَ الرِّبْحِ وَقَدْ تَنْقُصُ، بِحَيْثُ يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِي ثَمَنِ مِلْكِهِ الَّذِي لَيْسَ بِرِبْحٍ، مَعَ أَنَّ الْقِيمَةَ غَيْرُ مُتَحَقِّقَةُ الْمِقْدَارِ فَيُفْضِي إلَى التَّنَازُعِ (وَلَا) تَصِحُّ شَرِكَةُ الْعَنَانِ وَلَا الْمُضَارَبَةُ (بِثَمَنِهِ) أَيْ ثَمَنِ الْعَرْضِ (الَّذِي اشْتَرَى بِهِ) لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ حَالَ الْعَقْدِ وَأَيْضًا قَدْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ لِلْبَائِعِ (وَلَا) تَصِحُّ شَرِكَةُ الْعَنَانِ وَلَا مُضَارَبَةٌ (بِثَمَنِهِ) أَيْ ثَمَنِ الْعَرْضِ (الَّذِي سَيُبَاعُ بِهِ) لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ وَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا بَعْدَ الْبَيْعِ (وَلَا) تَصِحُّ شَرِكَةُ الْعَنَانِ وَمُضَارَبَةٌ (بِمَغْشُوشٍ) مِنْ النَّقْدَيْنِ غِشًّا (كَثِيرًا) عُرْفًا لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ غِشُّهُ.
فَلَا يَتَأَتَّى رَدُّ مِثْلِهِ لِأَنَّ قِيمَتَهَا تَزِيدُ وَتَنْقُصُ فَهِيَ كَالْعُرُوضِ (وَلَا فُلُوسَ وَلَوْ نَافِقَةً) لِأَنَّهَا عُرُوضٌ (وَلَا نَقْرَةَ وَهِيَ الَّتِي لَمْ تُضْرَبْ) لِأَنَّ قِيمَتَهَا تَزِيدُ وَتَنْقُصُ فَأَشْبَهَتْ الْعُرُوضَ (وَلَا أَثَرَ هُنَا) أَيْ فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ وَالْمُضَارَبَةِ.
(وَ) لَا (فِي الرِّبَا وَغَيْرِهِمَا) كَالصَّرْفِ وَالْقَرْضِ (لِغِشٍّ يَسِيرٍ لِمَصْلَحَةٍ، كَحَبَّةِ فِضَّةٍ وَنَحْوِهَا فِي دِينَارٍ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزَ مِنْهُ.
(وَمِنْهَا) أَيْ شُرُوطِ شَرِكَة عَنَانٍ وَمُضَارَبَةٍ (أَنْ يَشْرِطَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جُزْءًا مِنْ الرِّبْحِ مَشَاعًا مَعْلُومًا كَنِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ أَوْ غَيْرِهِمَا) لِأَنَّ الرِّبْحَ مُسْتَحَقٌّ لَهُمَا بِحَسَبِ الِاشْتِرَاطِ فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ اشْتِرَاطِهِ (سَوَاءٌ شَرَطَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَدْرِ مَالِهِ مِنْ الرِّبْحِ، أَوْ) شَرَطَا (أَقَلَّ) مِنْهُ (أَوْ أَكْثَرَ) لِأَنَّ الرِّبْحَ مُسْتَحَقٌّ بِالْعَمَلِ وَقَدْ يَتَفَاضَلَانِ فِيهِ، لِقُوَّةِ أَحَدِهِمَا وَحَذَقِهِ فَجَازَ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ حَظًّا مِنْ رِبْحِ مَالِهِ كَالْمُضَارِبِ (فَإِنْ قَالَا: الرِّبْحُ بَيْنَنَا تَنَاصَفَاهُ) لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِمَا إضَافَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ فَاقْتَضَتْ التَّسْوِيَةُ كَقَوْلِهِ: هَذِهِ الدَّارُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ (وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَاهُ) أَيْ الرِّبْحَ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْ الشَّرِكَةِ.
فَلَا يَجُوزُ الْإِخْلَالُ بِهِ (أَوْ شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا فِي الشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ جُزْءًا مَجْهُولًا) كَحَظٍّ أَوْ جُزْءٍ وَنَصِيبٍ لَمْ يَصِحَّا لِأَنَّ الْجَهَالَةَ تَمْنَعُ تَسْلِيمَ الْوَاجِبِ (أَوْ) شَرَطَا فِيهِمَا لِأَحَدِهِمَا (دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً) لَمْ يَصِحَّا لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْبَحُ غَيْرهَا فَيَأْخُذُ جَمِيع الرِّبْحِ وَقَدْ لَا يَرْبَحُ فَيَأْخُذُ جُزْءًا مِنْ الْمَالِ، وَقَدْ يَرْبَحُ كَثِيرًا فَيَتَضَرَّرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute