للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّضَاعِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْمُطَلَّقَةِ وَغَيْرِهَا، بَلْ فِي الْآيَةِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى طَلَاقِهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ تَجِبُ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا بِالزَّوْجِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ تُرْضِعْ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: ٢٣٣] وَالْوَارِثُ لَيْسَ بِزَوْجٍ وَأَمَّا الْأَجِيرُ فَلِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -: أَنَّهُمْ اسْتَأْجَرُوا الْأُجَرَاءَ بِطَعَامِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ، وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ نَكِيرٌ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ.

(وَكَمَا لَوْ شَرَطَا) أَيْ الْمُرْضِعَةُ وَالْأَجِيرُ (كِسْوَةً وَنَفَقَةً مَعْلُومَتَيْنِ مَوْصُوفَتَيْنِ، كَصِفَتِهِمَا فِي السَّلَمِ) بِأَنْ يُوصَفَا بِمَا لَا يَخْتَلِفَانِ مَعَهُ غَالِبًا (وَهُمَا) أَيْ الْمُرْضِعَةُ وَالْأَجِيرُ (عِنْدَ التَّنَازُعِ) فِي صِفَةِ الْكِسْوَةِ وَالنَّفَقَةِ أَوْ قَدْرِهِمَا (كَزَوْجَةٍ) ، قَالَ فِي الشَّرْحِ:؛ لِأَنَّ الْكِسْوَةَ عُرْفًا وَهِيَ كِسْوَةُ الزَّوْجَاتِ، وَالْإِطْعَامُ عُرْفًا وَهُوَ الْإِطْعَامُ فِي الْكَفَّارَاتِ، وَفِي الْمَلْبُوسِ إلَى أَقَلِّ مَلْبُوسٍ مِثْلِهِ؛؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يُجْزِئُ فِيهِ أَقَلُّ مَا يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ، كَالْوَصِيَّةِ.

(وَيُسَنُّ إعْطَاءُ ظِئْرٍ حُرَّةٍ عِنْدَ الْفِطَامِ عَبْدًا أَوْ أَمَةً إنْ كَانَ الْمُسْتَرْضِعُ مُوسِرًا) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُذْهِبُ عَنِّي مَذَمَّةَ الرَّضَاعِ؟ قَالَ: الْغُرَّةُ، الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ، قَالَ الشَّيْخُ لَعَلَّ هَذَا فِي الْمُتَبَرِّعَةِ بِالرَّضَاعَةِ انْتَهَى.

(وَإِنْ كَانَتْ الظِّئْرُ أَمَةً اُسْتُحِبَّ) لِمُسْتَرْضِعٍ مُوسِرٍ (إعْتَاقُهَا) ؛؛ لِأَنَّهُ يُحَصِّلُ أَخَصَّ الرِّقَابِ بِهَا لَهَا، وَتَحْصُلُ بِهِ الْمُجَازَاةُ الَّتِي جَعَلَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُجَازَاةً لِلْوَالِدِ مِنْ النَّسَبِ.

(وَلَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ) الْمَرْأَةُ (لِلرَّضَاعِ وَالْحَضَانَةِ لَزِمَتْهَا) أَيْ الرَّضَاعُ وَالْحَضَانَةُ؛؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ.

(وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَتْ لِلرَّضَاعِ وَأُطْلِقَ) الرَّضَاعُ (لَزِمَهَا الْحَضَانَةُ تَبَعًا) عَمَلًا بِالْعُرْفِ (وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَتْ لِلْحَضَّانَةِ وَأُطْلِقَ) الْعَقْدُ (لَمْ يَلْزَمْهَا الرَّضَاعُ) ؛؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ دَاخِلًا فِي الْحَضَانَةِ.

وَقَالَ فِي الْمُنْتَهَى: وَإِنْ أُطْلِقَتْ أَوْ خُصِّصَ رَضَاعٌ لَمْ يَشْمَلْ الْآخَرَ، (وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الرَّضَاعِ: الْحَضَانَةُ وَاللَّبَنُ) ؛؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَقْصُودٌ، وَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَوْ كَانَ عَلَى الْخِدْمَةِ وَحْدَهَا لَمَا لَزِمَهَا سَقْيُ لَبَنِهَا وَأَمَّا كَوْنُهُ عَيْنًا فَلَا يَمْنَعُ لِلضَّرُورَةِ لِحِفْظِ الْآدَمِيِّ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ.

(وَلَوْ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الْحَضَانَةِ وَالرَّضَاعِ، وَانْقَطَعَ اللَّبَنُ بَطَلَا) أَيْ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ فِيهِمَا؛ لِتَعَذُّرِ الْمَقْصُودِ مِنْهَا.

(وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ أَنْ تَأْكُلَ وَتَشْرَبَ مَا يُدِرُّ لَبَنَهَا وَيَصْلُحُ بِهِ وَلِلْمُكْتَرِي مُطَالَبَتُهَا بِذَلِكَ) ؛؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ التَّمْكِينِ مِنْ الرَّضَاعِ، وَفِي تَرْكِهِ إضْرَارٌ (

<<  <  ج: ص:  >  >>