للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يُعَارِضُهُ مَا قَدَّمْتُهُ عَنْ الِانْتِصَارِ مِنْ أَنَّهُ لَا فَسْخَ لَهُ بِذَلِكَ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْفَسْخُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ هُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ لَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِمُجَرَّدِ انْقِطَاعِهِ لِتَعَذُّرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا يَدْخُلُ تَبَعًا فَإِنَّهُ لَا يُنَافِي ثُبُوتَ الْخِيَارِ بِانْقِطَاعِهِ (وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ) مِنْ الْعُيُوبِ.

(فَإِنْ رَضِيَ) الْمُسْتَأْجِرِ (بِالْمَقَامِ وَلَمْ يَفْسَخْ) الْإِجَارَةَ (لَزِمَهُ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ) الْمُسَمَّاةِ وَلَا أَرْشَ لَهُ.

(وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ (فِي الْمَوْجُودِ هَلْ هُوَ عَيْبٌ أَوْ لَا؟ رَجَعَ) فِيهِ (إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ، مِثْلُ أَنْ تَكُونَ الدَّابَّةُ خَشِنَةَ الْمَشْيِ، أَوْ أَنَّهَا تُتْعِبُ رَاكِبَهَا لِكَوْنِهَا لَا تُرْكَبُ كَثِيرًا فَإِنْ قَالُوا) أَيْ أَهْلُ الْخِبْرَةِ (هُوَ عَيْبٌ فَلَهُ الْفَسْخُ وَإِلَّا فَلَا) فَسْخَ لَهُ، وَيَكْفِي فِيهِ اثْنَانِ مِنْهُمْ عَلَى قِيَاسِ مَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ (هَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْفَسْخِ (إذَا كَانَ الْعَقْدُ عَلَى عَيْنِهَا) أَيْ عَيْنِ الْمَعِيبَةِ.

(فَإِنْ كَانَتْ) الْمُؤَجَّرَةُ (مَوْصُوفَةً فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ) بِرَدِّهَا لِكَوْنِهَا مَعِيبَةً (وَعَلَى الْمُكْرِي إبْدَالُهَا) بِسَلِيمَةٍ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ لِأَنَّ إطْلَاقَ الْعَقْدِ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ السَّلِيمَ.

(فَإِنْ عَجَزَ) الْمُكْرِي (عَنْ إبْدَالِهَا أَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ إبْدَالِهَا (وَلَمْ يُمْكِنْ إجْبَارُهُ) عَلَيْهِ (فَلِلْمُكْتَرِي الْفَسْخُ أَيْضًا) اسْتِدْرَاكًا لِمَا فَاتَهُ،.

وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ: أَنَّ الْإِجَارَةَ الصَّحِيحَةَ لَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ وَلَا غَيْرِهِ فَسْخُهَا لِزِيَادَةٍ حَصَلَتْ وَلَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ وَقْفًا، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ وَإِذَا الْتَزَمَ الْمُسْتَأْجِرُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لَمْ تَلْزَمْهُ اتِّفَاقًا، وَلَوْ الْتَزَمَهَا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إلْحَاقَ الزِّيَادَةِ وَالشُّرُوطِ بِالْعُقُودِ اللَّازِمَةِ لَا تُلْحَقُ ذَكَرَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ.

(وَإِنْ فَسَخَهَا الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ غَيْرِ عَيْبٍ) وَلَا خِيَارِ غَيْرِهِ (وَتَرَكَ الِانْتِفَاعَ بِالْمَأْجُورِ قَبْلَ تَقَضِّي الْمُدَّةِ لَمْ تَنْفَسِخْ) الْإِجَارَةُ (وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ، وَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْ الْمَنَافِعِ) بَلْ تَذْهَبُ عَلَى مِلْكِهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ.

(وَلَا يَجُوزُ لِلْمُؤَجِّرِ التَّصَرُّفُ فِيهَا) أَيْ فِي الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ سَوَاءٌ تَرَكَ الْمُسْتَأْجِرُ الِانْتِفَاعَ بِهَا أَوْ لَا لِأَنَّهَا صَارَتْ مَمْلُوكَةً لِغَيْرِهِ كَمَا لَا يَمْلِكُ الْبَائِعُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَبِيعِ إلَّا أَنْ يُوجَدَ مِنْهُمَا مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِقَالَةِ.

(فَإِنْ تَصَرَّفَ) الْمُؤَجِّرُ فِي الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ (وَيَدُ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَيْهَا بِأَنْ سَكَّنَ) الْمُؤَجِّرُ (الدَّارَ أَوْ آجَرَهَا لِغَيْرِهِ) بَعْدَ تَسْلِيمِهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ (لَمْ تَنْفَسِخْ) الْإِجَارَةُ بِذَلِكَ لِمَا مَرَّ.

(وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ) لِأَنَّ يَدَهُ لَمْ تَزُلْ عَنْ الْعَيْنِ (وَلَهُ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمَالِكِ أُجْرَةُ مِثْلٍ لِمَا سَكَّنَهُ أَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيمَا مَلَكَهُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَأَشْبَهَ تَصَرُّفَهُ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي

<<  <  ج: ص:  >  >>