(أَوَّلًا) بِأَنْ كَانَ يَعْمَلُ فِي بَيْتِ نَفْسِهِ.
(وَيَسْتَحِقُّ) الْأَجِيرُ الْخَاصُّ (الْأُجْرَةَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ، عَمِلَ أَوْ لَمْ يَعْمَلْ) لِأَنَّهُ بَذَلَ مَا عَلَيْهِ كَمَا لَوْ بَذَلَ الْبَائِعُ الْعَيْنَ الْمَبِيعَةَ (وَتَتَعَلَّقُ الْإِجَارَةُ بِعَيْنِهِ) كَالْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ.
(فَلَا يَسْتَنِيبُ) الْأَجِيرُ الْخَاصُّ (وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا يَتْلَفُ فِي يَدِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمَالِكِ فِي صَرْفِ مَنَافِعِهِ إلَى مَا أَمَرَ بِهِ، فَلَمْ يَضْمَنْ كَالْوَكِيلِ، وَلِأَنَّ عَمَلَهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِهِ كَالْقِصَاصِ (إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ) الْإِتْلَافَ (أَوْ يُفَرِّطَ) فَيَضْمَنُ لِأَنَّهُ إذَنْ كَالْغَاصِبِ.
(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ (أَنْ يَعْمَلَ لِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مُسْتَأْجِرِهِ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَيْهِ مَا اسْتَحَقَّهُ بِالْعَقْدِ.
(فَإِنْ عَمِلَ) الْأَجِيرُ الْخَاصُّ لِغَيْرِ مُسْتَأْجِرِهِ (وَأَضَرَّ بِالْمُسْتَأْجِرِ فَلَهُ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ (قِيمَةُ مَا فَوَّتَهُ) مِنْ مَنْفَعَتِهِ (عَلَيْهِ) بِعَمَلِهِ لِغَيْرِهِ قَالَ أَحْمَدُ فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا عَلَى أَنْ يَحْتَطِبَ لَهُ عَلَى حِمَارَيْنِ كُلَّ يَوْمٍ فَكَانَ الرَّجُلُ يَنْقُلُ عَلَيْهِمَا وَعَلَى حَمِيرٍ لِرَجُلٍ آخَرَ، وَيَأْخُذُ مِنْهُ الْأُجْرَةَ، فَإِنْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ ضَرَرٌ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ قَالَ فِي الْمُغْنِي: فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَرْجِعُ عَلَى الْأَجِيرِ بِقِيمَةِ مَا اسْتَضَرَّ بِاشْتِغَالِهِ عَنْ عَمَلِهِ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ مَا عَمِلَهُ لِغَيْرِهِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: مَعْنَاهُ يَرْجِعُ بِالْأَجْرِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْآخَرِ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ مَمْلُوكَةٌ لِغَيْرِهِ فَمَا حَصَلَ فِي مُقَابَلَتِهَا يَكُونُ لِلَّذِي اسْتَأْجَرَهُ انْتَهَى، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْتَضِرَّ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ اكْتَرَاهُ لِعَمَلٍ، فَوَفَّاهُ عَلَى التَّمَامِ.
(وَالْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ مَنْ قُدِّرَ نَفْعُهُ بِالْعَمَلِ) كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَبِنَاءِ حَائِطٍ، وَحَمْلِ شَيْءٍ إلَى مَكَان مُعَيَّنٍ أَوْ عَلَى عَمَلٍ فِي مُدَّةٍ لَا يَسْتَحِقُّ نَفْعَهُ فِي جَمِيعِهَا، كَالطَّبِيبِ وَنَحْوُهُ: الْكَحَّالُ (وَيَتَقَبَّلُ الْأَعْمَالَ) لِجَمَاعَةٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ يَعْمَلُ لَهُمْ، فَيَشْتَرِكُونَ فِي نَفْعِهِ فَلِذَلِكَ سُمِّيَ مُشْتَرَكًا (فَتَتَعَلَّقُ الْإِجَارَةُ بِذِمَّتِهِ) لَا بِعَيْنِهِ (وَلَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ إلَّا بِتَسْلِيمِ عَمَلِهِ) دُونَ تَسْلِيمِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْخَاصِّ.
(وَيَضْمَنُ) الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ (مَا تَلِفَ بِفِعْلِهِ وَلَوْ بِخَطَئِهِ كَتَحْرِيقِ الْقَصَّارِ الثَّوْبَ) مِنْ دَقِّهِ أَوْ مَدِّهِ أَوْ عَصْرِهِ أَوْ بَسْطِهِ (وَغَلَطِهِ) أَيْ الْخَيَّاطِ (فِي تَفْصِيلِهِ وَدَفْعِهِ إلَى غَيْرِ رَبِّهِ) رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لِأَنَّ عَمَلَهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ لَا يَسْتَحِقُّ الْعِوَضَ إلَّا بِالْعَمَلِ فَإِنَّ الثَّوْبَ لَوْ تَلِفَ فِي حِرْزِهِ بَعْدَ عَمَلِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أُجْرَةٌ فِيمَا عَمِلَ فِيهِ بِخِلَافِ الْخَاصِّ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا كَالْعُدْوَانِ بِقَطْعِ عُضْوٍ.
(وَلَا يَحِلُّ لِقَابِضِهِ) أَيْ الثَّوْبِ (لُبْسُهُ وَلَا الِانْتِفَاعُ بِهِ) إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ ثَوْبَهُ وَعَلَيْهِ رَدُّهُ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute