للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّانِعُ الثَّوْبَ بَعْدَ عَمَلِهِ ضَمِنَهُ (أَوْ عَمِلَ) الصَّانِعُ (عَلَى غَيْرِ صِفَةِ شَرْطِهِ) أَيْ رَبِّ الثَّوْبِ (ضَمِنَهُ) الصَّانِعُ لِجِنَايَتِهِ (وَخُيِّرَ مَالِكٌ) لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى مَالِهِ فَكَانَتْ الْخِيَرَةُ إلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ (بَيْنَ تَضْمِينِهِ) أَيْ الصَّانِعِ (إيَّاهُ) أَيْ الثَّوْبِ (غَيْرَ مَعْمُولٍ، وَلَا أُجْرَةَ) لِأَنَّ الْأُجْرَةَ إنَّمَا تَجِبُ بِالتَّسْلِيمِ وَلَمْ يُوجَدْ (وَبَيْنَ تَضْمِينِهِ) الثَّوْبَ (مَعْمُولًا وَيَدْفَعُ إلَيْهِ الْأُجْرَةَ) لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ الْأُجْرَةَ لَاجْتَمَعَ عَلَى الْأَجِيرِ فَوَاتُ الْأُجْرَةِ وَضَمَانُ مَا يُقَابِلُهَا، وَلِأَنَّ الْمَالِكَ إذَا ضَمِنَهُ ذَلِكَ مَعْمُولًا يَكُونُ فِي مَعْنَى تَسْلِيمِ ذَلِكَ مَعْمُولًا فَيَجِبُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الْأُجْرَةَ لِحُصُولِ التَّسْلِيمِ الْحُكْمِيِّ.

(وَيُقَدَّمُ قَوْلُ رَبِّهِ) أَيْ الثَّوْبِ (فِي صِفَةِ عَمَلِهِ) أَيْ إذَا اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْعَمَلِ بَعْدَ تَلَفِ الثَّوْبِ لِيُغَرِّمَهُ لِلْعَامِلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ (ذَكَرَهُ ابْنُ رَزِينٍ) وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُبْدِعِ.

(وَمِثْلَهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ (تَلَفُ) مَا بِيَدِ (أَجِيرٍ مُشْتَرَكٍ) بَعْدَ عَمَلِهِ، إذَا تَلِفَ عَلَى وَجْهٍ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ خُيِّرَ الْمَالِكُ بَيْنَ تَضْمِينِهِ مَعْمُولًا وَيَدْفَعُ الْأُجْرَةَ، وَتَضْمِينِهِ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَلَا أُجْرَةَ.

(وَ) كَذَا (ضَمَانُ الْمَتَاعِ الْمَحْمُولِ) إذَا تَلِفَ عَلَى وَجْهٍ يَضْمَنُهُ الْحَامِلُ (يُخَيَّرُ رَبُّهُ بَيْنَ تَضْمِينِهِ) أَيْ الْحَامِلِ (قِيمَتَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي سَلَّمَهُ إلَيْهِ) فِيهِ (وَلَا أُجْرَةَ لَهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ عَمَلَهُ (وَبَيْنَ تَضْمِينِهِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَفْسَدَهُ) الْحَامِلُ، أَوْ فَسَدَ بِنَحْوِ تَعَدِّيهِ (فِيهِ وَلَهُ) أَيْ الْحَامِلِ حِينَئِذٍ (الْأُجْرَةُ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ) الَّذِي تَلِفَ فِيهِ لِأَنَّ تَضْمِينَهُ قِيمَتَهُ فِيهِ فِي مَعْنَى تَسَلُّمِهِ فِيهِ.

(وَإِنْ أَفْلَسَ مُسْتَأْجِرٌ) أَيْ لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا مَثَلًا وَدَفَعَهُ لِصَانِعِ عَمَلِهِ (ثُمَّ جَاءَ بَائِعُهُ يَطْلُبُهُ) بَعْدَ فَسْخِهِ الْبَيْعِ لِوُجُودِ مَتَاعِهِ عِنْدَ مَنْ أَفْلَسَ (فَلِلصَّانِعِ حَبْسُهُ) عَلَى أُجْرَتِهِ لِأَنَّ الْعَمَلَ الَّذِي هُوَ عِوَضُهَا مَوْجُودٌ فِي عَيْنِ الثَّوْبِ فَمَلَكَ حَبْسَهُ مَعَ ظُهُورِ عُسْرَةِ الْمُسْتَأْجِرِ، كَمَنْ أَجَرَ دَابَّتَهُ أَوْ نَحْوَهَا لِإِنْسَانٍ بِأُجْرَةٍ حَالَّةٍ ثُمَّ ظَهَرَتْ عُسْرَةُ الْمُسْتَأْجِرِ، فَإِنَّ لِلْمُؤَجِّرِ حَبْسَهَا عِنْدَهُ وَفَسْخَ الْإِجَارَةِ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ أُجْرَتُهُ أَكْثَرَ مِمَّا زَادَتْ بِهِ قِيمَتُهُ أَخَذَ الزِّيَادَةَ وَحَاصَصَ الْغُرَمَاءَ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ.

(وَالْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ إنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطَ، لَمْ يَضْمَنْهَا) لِأَنَّهُ قَبَضَ الْعَيْنَ لِاسْتِيفَاءِ مَنْفَعَةٍ يَسْتَحِقُّهَا مِنْهَا فَهُوَ مُؤْتَمَنٌ، كَالْمُوصَى لَهُ بِنَفْعِ عَيْنٍ (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ (فِي عَدَمِ التَّعَدِّي) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ.

(وَإِنْ شَرَطَ الْمُؤَجِّرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ضَمَانَ الْعَيْنِ فَالشَّرْطُ فَاسِدٌ) لِمُنَافَاتِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ.

(فَأَمَّا إنْ شَرَطَ) الْمُؤَجِّرُ (أَنْ لَا يَسِيرَ بِهَا) الْمُسْتَأْجِرُ (فِي اللَّيْلِ، أَوْ) أَنْ لَا يَسِيرَ بِهَا (وَقْتَ الْقَائِلَةِ، أَوْ) أَنْ (لَا يَتَأَخَّرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>