للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمُسْتَعِيرُ إنَّمَا حَصَلَ غِرَاسُهُ أَوْ بِنَاؤُهُ فِي الْأَرْضِ بِإِذْنِ رَبِّهَا، وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ قَلْعَهُ فَلَمْ يَلْزَمْهُ لِدُخُولِ الضَّرَرِ عَلَيْهِ بِنَقْصِ قِيمَةِ ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْعَارِيَّةَ عَقْدُ إرْفَاقٍ وَمَعُونَةٍ وَإِلْزَامُهُ بِالْقَلْعِ مَجَّانًا يُخْرِجُهُ إلَى حُكْمِ الْعُدْوَانِ وَالضَّرَرِ.

قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَمَتَى أَمْكَنَ الْقَلْعُ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ أُجْبِرَ عَلَيْهِ الْمُسْتَعِيرُ (فَإِنْ قَلَعَ) الْمُسْتَعِيرُ غَرْسَهُ أَوْ بِنَاءَهُ بِاخْتِيَارِهِ (فَعَلَيْهِ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ) مِنْ الْحَفْرِ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بِفِعْلِهِ لِتَخْلِيصِ مَالِهِ كَالْمُسْتَأْجِرِ.

(وَإِنْ أَبَى الْقَلْعَ فِي الْحَالِ الَّتِي يُجْبَرُ فِيهَا) بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ فِيهِ ضَرَرٌ وَلَمْ يُشْتَرَطْ عَلَيْهِ (فَلِلْمُعِيرِ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ بِغَيْرِ رِضَا الْمُسْتَعِيرِ، أَوْ قَلْعُهُ وَضَمَانُ نَقْصِهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ شُرِعَ دَفْعًا لِضَرَرِهِ وَضَرَرِ الْمُسْتَعِيرِ، وَجَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ.

وَمُؤْنَةُ الْقَلْعِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ كَالْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ دَفَعَ الْمُسْتَعِيرُ قِيمَةَ الْأَرْضِ لِيَتَمَلَّكَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهَا أَصْلٌ وَالْغِرَاسُ وَالْبِنَاءُ تَابِعٌ، بِدَلِيلِ تَبِعَهُمَا لَهَا فِي الْبَيْعِ دُونَ تَبِعَهَا لَهُمَا (فَإِنْ أَبَى) الْمُعِيرُ (ذَلِكَ) أَيْ الْأَخْذَ بِالْقِيمَةِ وَالْقَلْعَ مَعَ ضَمَانِ النَّقْصِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ فَإِنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ (بِيعَا) أَيْ الْأَرْضُ وَالْغِرَاسُ أَوْ الْبِنَاءُ (لَهُمَا) أَيْ لِمَالِكَيْهِمَا أَيْ عَلَيْهِمَا وَيُجْبَرُ الْآخَرُ، لِأَنَّ ذَلِكَ طَرِيقٌ لِتَخَلُّصِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ مُضَارَّةِ الْآخَرِ (فَإِنْ أَبَيَا) أَيْ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ (الْبَيْعَ تُرِكَ) الْغِرَاسُ أَوْ الْبِنَاءُ (بِحَالِهِ وَاقِفًا) فِي الْأَرْضِ حَتَّى يَتَّفِقَا لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا وَمَتَى بِيعَا دُفِعَ لِرَبِّ الْأَرْضِ قِيمَتُهَا فَارِغَةً وَالْبَاقِي لِرَبِّ الْغِرَاسِ أَوْ الْبِنَاءِ.

(وَلِلْمُعِيرِ التَّصَرُّفُ فِي أَرْضِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّ بِالشَّجَرِ) لِأَنَّهُ يَمْلِكُ عَيْنَهَا وَنَفْعَهَا وَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ بِمَا يَضُرُّ الشَّجَرَ أَوْ الْبِنَاءَ، لِأَنَّهُمَا مُحْتَرَمَانِ لِوَضْعِهِمَا بِإِذْنِهِ.

(وَلِلْمُسْتَعِيرِ الدُّخُولُ لِسَقْيٍ وَإِصْلَاحٍ وَأَخْذِ ثَمَرَةٍ) لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي فِعْلِ شَيْءٍ إذْنٌ فِيمَا يَعُودُ بِصَلَاحِهِ.

(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْمُسْتَعِيرِ (الدُّخُولُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ مِنْ التَّفَرُّجِ وَنَحْوِهِ) كَمَبِيتٍ فِيهَا، لِأَنَّهُ لَا يَعُودُ بِصَلَاحٍ مَالِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَأْذُونٍ فِيهِ نُطْقًا وَلَا عُرْفًا (وَأَيُّهُمَا) أَيْ الْمُعِيرِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ (طَلَبَ الْبَيْعَ وَأَبَى الْآخَرُ) الْبَيْعَ (أُجْبِرَ) الْمُمْتَنِعُ (عَلَيْهِ) كَمَا تَقَدَّمَ إزَالَةً لِلضَّرَرِ عَنْهُمَا (وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيْعُ مَا لَهُ مِنْ أَرْضٍ أَوْ غِرَاسٍ أَوْ بِنَاءٍ) مُنْفَرِدًا لِمَنْ شَاءَ مِنْ صَاحِبِهِ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ (فَيَقُومُ الْمُشْتَرِي) لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (مَقَامَ الْبَائِعِ) فَمُشْتَرِي الْأَرْضِ بِمَنْزِلَةِ الْمُعِيرِ، وَمُشْتَرِي الْغِرَاسِ أَوْ الْبِنَاءِ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَعِيرِ.

(وَلَا أُجْرَةَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ مِنْ حِينِ رُجُوعِ) مُعِيرٍ (فِي) نَظِيرِ بَقَاءِ (غَرْسٍ وَبِنَاءٍ) فِي مُعَارَةٍ (وَ) لَا أُجْرَةَ لِلْمُعِيرِ أَيْضًا فِي (سَفِينَةِ فِي لُجَّةِ بَحْرٍ، وَ) لَا أُجْرَةَ لَهُ مِنْ حِينِ رُجُوعٍ فِي (أَرْضٍ) أَعَارَهَا لِدَفْنٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>