(قِنٌّ) بِغَصْبٍ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، كَسَائِرِ الْمَالِ (وَ) يُضْمَنُ (عَقَارٌ بِغَصْبٍ) لِمَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ اقْتَطَعَ مِنْ الْأَرْضِ شِبْرًا ظُلْمًا طَوَّقَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَة مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ مَا يُضْمَنُ فِي الْإِتْلَافِ يَجِبُ أَنْ يُضْمَنَ فِي الْغَصْبِ كَالْمَنْقُولِ وَالْعَقَارِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ قَالَ أَبُو السَّعَادَاتِ: هُوَ الضَّيْعَةُ وَالنَّخْلُ وَالْأَرْضُ فَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ الْعَقَارَ (إذَا تَلِفَ بِغَرَقٍ وَنَحْوِهِ) كَسَائِرِ الْمَغْصُوبَاتِ.
(لَكِنْ لَا تَثْبُتُ يَدٌ عَلَى بُضْعٍ) بِضَمِّ الْبَاءِ، وَجَمْعُهُ أَبْضَاعٌ كَقُفْلٍ وَأَقْفَالٍ يُطْلَقُ عَلَى الْفَرْجِ وَالْجِمَاعِ وَالتَّزْوِيجِ وَالْبِضَاعُ: الْجِمَاعُ لَفْظًا وَمَعْنًى، ذَكَرَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (فَيَصِحُّ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ الْمَغْصُوبَةِ) قِنًّا كَانَتْ أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ مُكَاتَبَةً.
(وَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ مَهْرَهَا لَوْ حَبَسَهَا عَنْ النِّكَاحِ حَتَّى فَاتَ) نِكَاحُهَا (بِالْكِبَرِ) أَيْ كِبَرُهَا لِأَنَّ النَّفْعَ إنَّمَا يُضْمَنُ بِالتَّفْوِيتِ إذَا كَانَ مِمَّا تَصِحُّ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهِ بِالْإِجَارَةِ وَالْبُضْعُ لَيْسَ كَذَلِكَ.
(وَلَا يَحْصُلُ الْغَصْبُ مِنْ غَيْرِ اسْتِيلَاءٍ فَلَوْ دَخَلَ أَرْضَ إنْسَانٍ أَوْ دَارِهِ صَاحِبُهَا فِيهَا أَوْ لَا) سَوَاءٌ دَخَلَ (بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَضْمَنْهَا بِدُخُولِهِ) حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِيلَاءَ (كَمَا لَوْ دَخَلَ صَحْرَاةً لَهُ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ مَا يُضْمَنُ بِالْعَارِيَّةِ وَهَذَا لَا يَثْبُتُ بِهِ الْعَارِيَّةُ وَلَا يَجِبُ بِهِ الضَّمَانُ فِيهَا فَكَذَلِكَ لَا يَثْبُتُ الْغَصْبُ.
" تَنْبِيهٌ " فِي قَوْلِهِ: صَحْرَاةً نَظَر قَالَ فِي الصِّحَاحِ: تَقُولُ هَذِهِ صَحْرَاءُ وَاسِعَةٌ، وَلَا تَقُولُ هَذِهِ صَحْرَاةٌ فَتُدْخِلُ تَأْنِيثًا عَلَى تَأْنِيثٍ.
" فَائِدَةٌ " لَا يُشْتَرَطُ لِتَحَقُّقِ الْغَصْبِ نَقْلُ الْعَيْنِ فَيَكْفِي مُجَرَّدُ الِاسْتِيلَاءِ فَإِذَا رَكِبَ دَابَّةً وَاقِفَةً لِإِنْسَانٍ وَلَيْسَ هُوَ عِنْدَهَا صَارَ غَاصِبًا وَلَوْ دَخَلَ دَارًا قَهْرًا أَوْ أَخْرَجَ رَبَّهَا فَغَاصِبٌ وَإِنْ أَخْرَجَهُ قَهْرًا وَلَمْ يَدْخُلْ أَوْ دَخَلَ مَعَ حُضُورِ رَبِّهَا وَقُوَّتِهِ فَلَا وَإِنْ دَخَلَ قَهْرًا وَلَمْ يُخْرِجْهُ فَقَدْ غَصَبَ مَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُرَدَّ الْغَصْبُ فَلَا وَإِنْ دَخَلَهَا قَهْرًا فِي غَيْبَةِ رَبِّهَا فَغَاصِبٌ وَلَوْ كَانَ فِيهَا قُمَاشُهُ ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَإِنْ غَصَبَ كَلْبًا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ) وَهُوَ كَلْبُ صَيْدٍ وَمَاشِيَةٍ وَحَرْثٍ لَزِمَهُ رَدُّهُ (أَوْ غَصَبَ خَمْرَ ذِمِّيٍّ مَسْتُورَةٍ) أَوْ خَمْرَ خَلَّالٍ لَزِمَهُ رَدُّهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مَمْنُوعٍ مِنْ إمْسَاكِهَا وَكَذَا لَوْ غَصَبَ دُهْنًا مُتَنَجِّسًا لِأَنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بِهِ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ (أَوْ تَخَلَّلَ خَمْرُ مُسْلِمٍ فِي يَدِ غَاصِبٍ لَزِمَهُ رَدُّهُ) لِأَنَّهَا صَارَتْ خَلًّا عَلَى حُكْمِ مِلْكِهِ فَإِنْ تَلِفَ ضَمِنَهُ.
وَقَوْلُهُ مُسْلِمٍ " لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ خَمْرُ الذِّمِّيِّ إذَا تَخَلَّلَ بِيَدِ الْغَاصِبِ يَجِبُ رَدُّهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ كَانَ يَجِبُ رَدُّهُ قَبْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute