غَيْرِهِ (وَيُزَكِّيهِ) أَيْ الزَّرْعَ (رَبُّ الْأَرْضِ إنْ أَخَذَهُ قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ) بِأَنْ تَمَلَّكَهُ قَبْلَ اشْتِدَادِهِ لِوُجُوبِهَا وَهُوَ فِي مِلْكِهِ.
(وَ) إنْ تَمَلَّكَهُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ وُجُوبِهِ، بِأَنْ تَمَلَّكَهُ بَعْدَ الِاشْتِدَادِ فَزَكَاتُهُ عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ وَقْتَ وُجُوبِهَا صَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: وَهَذَا الصَّحِيحُ وَقَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِيهِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَزْكِيَةُ آخِذِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى الْمَنْصُوصِ وَاخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ وَابْنِ أَبِي مُوسَى وَالْحَارِثِيِّ وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّهُمْ اخْتَارُوا أَنَّ الزَّرْعَ مِنْ أَصْلِهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمَذْهَبَ الْأَوَّلُ انْتَهَى وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي التَّنْقِيحِ وَالْمُنْتَهَى فِي الزَّكَاةِ: أَنَّ الْمَذْهَبَ الثَّانِي وَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْغَاصِبِ إلَى أَخْذِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْمُشْتَرِي، بِأَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ يَتَمَلَّكُهُ بِنَفَقَتِهِ فَمِلْكُهُ اسْتَنَدَ إلَى أَوَّلِ وُجُودِهِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي.
(وَإِنْ غَرَسَهَا) أَيْ الْأَرْضَ الْمَغْصُوبَةَ (الْغَاصِبُ، أَوْ بَنَى فِيهَا وَلَوْ) كَانَ الْغَاصِبُ شَرِيكًا فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ (أَوْ فَعَلَهُ) أَيْ غَرَسَ أَوْ بَنَى فِي الْأَرْضِ أَجْنَبِيٌّ أَوْ شَرِيكٌ (مِنْ غَيْرِ غَصْبٍ، بِلَا إذْنِ) رَبِّ الْأَرْضِ (أُخِذَ) أَيْ أُلْزِمَ (بِقَلْعِ غِرَاسِهِ وَ) قَلْعِ (بِنَائِهِ) إذَا طَالَبَهُ رَبُّ الْأَرْضِ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ " وَلَقَدْ أَخْبَرَنِي الَّذِي حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ: «أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَرَسَ أَحَدُهُمَا نَخْلًا فِي أَرْضِ الْآخَرِ فَقَضَى لِصَاحِبِ الْأَرْضِ بِأَرْضِهِ وَأَمَرَ صَاحِبَ النَّخْلِ أَنْ يُخْرِجَ نَخْلَهُ مِنْهَا» فَلَقَدْ رَأَيْتُهَا وَإِنَّهَا لَتُضْرَبُ أُصُولُهَا بِالْفُؤُوسِ، وَإِنَّهَا لَنَخْلٌ عُمٌّ قَالَ أَحْمَدُ الْعَمُّ الطِّوَالُ.
(وَ) أُخِذَ الْغَاصِبُ أَيْضًا بِ (تَسْوِيَةِ الْأَرْضِ وَأَرْشِ نَقْصِهَا) لِأَنَّهُ ضَرَرٌ حَصَلَ بِفِعْلِهِ فَلَزِمَهُ إزَالَتُهُ كَغَيْرِهِ (وَ) عَلَيْهِ (أُجْرَتُهَا) أَيْ أُجْرَةُ مِثْلِ الْأَرْضِ مُدَّةَ احْتِبَاسِهَا لِأَنَّ مَنَافِعَهَا ذَهَبَتْ تَحْتَ يَدِهِ الْعَادِيَةِ.
فَكَانَ عَلَيْهِ عِوَضُهَا كَالْأَعْيَانِ (ثَمَّ إنْ كَانَتْ آلَاتُ الْبِنَاءِ مِنْ الْمَغْصُوبِ) بِأَنْ كَانَ فِيهِ لَبِنٌ أَوْ آجُرٌّ، أَوْ ضَرَبَ مِنْهُ لَبِنًا أَوْ آجُرًّا، أَوْ بَنَى بِهِ فِيهِ (فَ) عَلَيْهِ (أُجْرَتُهَا مَبْنِيَّةً) لِأَنَّ الْبِنَاءَ وَالْأَرْضَ مِلْكٌ لِلْمَغْصُوبَةِ مِنْهُ الْأَرْضُ وَلَا أُجْرَةَ لِلْغَاصِبِ لِبِنَائِهِ (وَإِلَّا) تَكُنْ آلَاتُ الْبِنَاءِ مِنْ الْمَغْصُوبِ، بَلْ كَانَتْ الْآلَاتُ لِلْغَاصِبِ فَعَلَيْهِ (أُجْرَتُهَا غَيْرَ مَبْنِيَّةٍ) لِأَنَّهُ إنَّمَا غَصَبَ الْأَرْضَ وَحْدَهَا وَأَمَّا بِنَاؤُهُ بِآلَاتِهِ فَلَهُ.
(فَلَوْ أَجَرَهَا) أَيْ أَجَرَ الْغَاصِبُ الْأَرْضَ الْمَغْصُوبَةَ الْمَبْنِيَّةَ بِآلَاتِهِ مَعَ مَا بِهَا مِنْ بِنَاءٍ (فَالْأُجْرَةُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute