بِتُرَابِهَا حَيْثُ بَقِيَ فَلَوْ فَاتَ بِسَيْلٍ أَوْ رِيحٍ وَنَحْوِهِ فَلَهُ الطَّمُّ بِغَيْرِهِ مِنْ جِنْسِهِ، لَا بِرَمْلٍ أَوْ كُنَاسَةٍ وَنَحْوِهَا ذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ (مِنْ غَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا) تَخَلُّصًا مِنْ ذَلِكَ الضَّرَرِ.
(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ الْغَاصِبِ غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي الطَّمِّ (مِثْلُ أَنْ يَكُونَ) الْغَاصِبُ (قَدْ وَضَعَ التُّرَابَ فِي أَرْضِ مَالِكِهَا، أَوْ) وَضَعَهُ (فِي مَوَاتٍ وَأَبْرَأَهُ) الْمَالِكُ (مِنْ ضَمَانِ مَا يَتْلَفُ بِهَا) أَيْ الْبِئْرِ وَنَحْوِهَا (وَتَصِحُّ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ) قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: لِأَنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ لِوُجُودِ التَّعَدِّي فَإِذَا رَضِيَ صَاحِبُ الْأَرْضِ زَالَ التَّعَدِّي فَيَزُولُ الضَّمَانُ وَلَيْسَ هَذَا إبْرَاءً مِمَّا لَمْ يَجِبْ.
وَإِنَّمَا هُوَ إسْقَاطٌ لِلتَّعَدِّي بِرِضَاهُ بِهِ (أَوْ مَنَعَهُ) الْمَالِكُ (مِنْهُ) أَيْ الطَّمِّ (لَمْ يَمْلِكْ) الْغَاصِبُ (طَمَّهَا) فِي هَذِهِ الصُّوَرِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِغَيْرِ غَرَضٍ صَحِيحٍ، وَمَنْعُهُ مِنْ الطَّمِّ رِضًا بِالْحَفْرِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ إبْرَائِهِ مِنْ ضَمَانِ مَا يَتْلَفُ بِهَا (وَلَوْ كَشَطَ) الْغَاصِبُ (تُرَابَ الْأَرْضِ) الْمَغْصُوبَةِ (فَطَالَبَهُ الْمَالِكُ بِرَدِّهِ وَفَرْشِهِ لَزِمَهُ) أَيْ الْغَاصِبَ (ذَلِكَ) أَيْ الرَّدُّ وَالْفَرْشُ.
وَظَاهِرُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ أَطْلَقَهُمَا فِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ (وَإِنْ أَرَادَهُ) أَيْ فَرْشَ التُّرَابِ كَمَا كَانَ (الْغَاصِبُ وَأَبَاهُ الْمَالِكُ فَلَهُ) أَيْ الْغَاصِبِ (فِعْلُهُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، مِثْلُ إنْ كَانَ) الْغَاصِبُ (نَقَلَهُ إلَى مِلْكٍ لِنَفْسِهِ فَيَرُدُّهُ لِيَنْتَفِعَ بِالْمَكَانِ، أَوْ) كَانَ الْغَاصِبُ (طَرَحَهُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، أَوْ فِي طَرِيقٍ يَحْتَاجُ إلَى تَفْرِيغِهِ) أَيْ مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ الطَّرِيقِ.
(وَإِنْ كَانَ) الْغَاصِبُ أَرَادَ فَرْشَ التُّرَابِ الَّذِي كَشَطَهُ (لَا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ فَلَا) يُمَكَّنُ مِنْهُ بِلَا إذْنِ الْمَالِكِ لِأَنَّ فِيهِ تَصَرُّفًا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ.
(وَإِنْ غَصَبَ حَبًّا فَزَرَعَهُ، أَوْ) غَصَبَ (بَيْضًا فَصَارَ) الْبِيضُ (فِرَاخًا، أَوْ) غَصَبَ (نَوًى) فَغَرَسَهُ (فَصَارَ غَرْسًا، أَوْ) غَصَبَ (غُصْنًا) فَغَرَسَهُ (فَصَارَ شَجَرًا رَدَّهُ) الْغَاصِبُ لِمَالِكِهِ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالَيْ مَالِكِهِ.
(وَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ لِلْغَاصِبِ فِي عَمَلِهِ لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِهِ.
(وَإِنْ نَقَصَ) الْمَغْصُوبُ (وَلَوْ) كَانَ نَقْصُهُ (بِنَبَاتِ لِحْيَةِ عَبْدٍ أَمْرَدَ، أَوْ) كَانَ نَقْصُهُ بِ (ذَهَابِ رَائِحَةِ مِسْكٍ، أَوْ قَطْعِ ذَنَبِ حِمَارٍ وَنَحْوِهِ) كَبَغْلٍ وَفَرَسٍ (ضَمِنَ) الْغَاصِبُ (نَقْصَهُ) الْحَاصِلَ قَبْلَ رَدِّهِ لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَالٍ مِنْ غَيْرِ جِنَايَةٍ فَكَانَ الْوَاجِبُ مَا نَقَصَ إذْ الْقَصْدُ بِالضَّمَانِ جَبْرُ حَقِّ الْمَالِكِ بِإِيجَابِ قَدْرِ مَا فُوِّتَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ فَاتَ الْجَمِيعُ لَوَجَبَتْ قِيمَتُهُ فَإِذَا فَاتَ مِنْهُ شَيْءٌ وَجَبَ قَدْرُهُ مِنْ الْقِيمَةِ، كَغَيْرِ الْحَيَوَانِ.
وَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ رِبْحًا فَاتَ بِحَبْسِ مَالِ تِجَارَةٍ عَنْ مَالِكِهِ مُدَّةً يُمْكِنُ أَنْ يَرْبَحَ فِيهَا لِأَنَّهُ لَا وُجُودَ لَهُ (وَنَصَّ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ فِي طِيَرَةٍ جَاءَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute