فَمَا بَقِيَ) وَهُوَ دِرْهَمٌ فَهُوَ (بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ) لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّالِفُ الدِّرْهَمَيْنِ فَيَخْتَصُّ صَاحِبُ الدِّرْهَمِ بِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّالِفُ دِرْهَمًا لِهَذَا وَدِرْهَمًا لِهَذَا فَيَخْتَصُّ صَاحِبُ الدِّرْهَمَيْنِ بِالْبَاقِي فَتَسَاوَيَا لَا يُحْتَمَلُ غَيْرُ ذَلِكَ وَمَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَمَيِّزٌ قَطْعًا بِخِلَافِ الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ غَايَتُهُ أَنَّهُ أَبْهَمَ عَلَيْنَا ذِكْرَهُ فِي الْإِنْصَافِ.
وَقَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ قُلْتُ: وَيُحْتَمَلُ الْقُرْعَةُ وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّا مُتَحَقِّقُونَ أَنَّ الدِّرْهَمَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا يُشْرِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ وَقَدْ اشْتَبَهَ عَلَيْنَا فَأَخْرَجْنَاهُ بِالْقُرْعَةِ، كَمَا فِي نَظَائِرِهِ وَهُوَ كَثِيرٌ وَلَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ فَمَنَّ اللَّهُ بِهِ فَلَهُ الْحَمْدُ.
(وَإِنْ خَلَطَهُ) أَيْ الْمَغْصُوبَ (بِغَيْرِ جِنْسِهِ فَتَرَاضَيَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ) الْمَغْصُوبُ مِنْهُ (أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ أَوْ أَقَلَّ) مِنْهُ (جَازَ) لِأَنَّ بَدَلَهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَلَا تَحْرُمُ الزِّيَادَةُ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ خَلَطَهُ بِجَيِّدٍ أَوْ رَدِيءٍ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ مِنْ الرَّدِيءِ أَوْ دُونَ حَقِّهِ مِنْ الْجَيِّدِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ رِبًا وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ فَرَضِيَ بِأَخْذِ دُونِ حَقِّهِ مِنْ الرَّدِيءِ أَوْ سَمَحَ الْغَاصِبُ بِدَفْعِ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ مِنْ الْجَيِّدِ جَازَ لِأَنَّهُ لَا مُقَابِلَ لِلزِّيَادَةِ.
(وَإِنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ) الْغَاصِبُ (بِصِبْغَةٍ، أَوْ) غَصَبَ (سَوِيقًا فَلَتَّهُ) الْغَاصِبُ (بِزَيْتِهِ فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُمَا) أَيْ قِيمَةُ الثَّوْبِ وَالصِّبْغِ أَوْ قِيمَةُ الزَّيْتِ وَالسَّوِيقِ (أَوْ) نَقَصَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ النَّقْصَ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِتَعَدِّيهِ فَضَمِنَهُ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَ بَعْضَهُ وَإِنْ كَانَ النَّقْصُ بِسَبَبِ تَغَيُّرِ الْأَسْعَارِ لَمْ يَضْمَنْهُ (وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ) قِيمَتُهُمَا (وَلَمْ تَزِدْ أَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُمَا فَهُمَا) أَيْ رَبُّ الثَّوْبِ وَالصِّبْغِ أَوْ رَبُّ السَّوِيقِ وَالزَّيْتِ (شَرِيكَانِ) فِي الثَّوْبِ وَصَبْغِهِ أَوْ السَّوِيقِ وَزَيْتِهِ (بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا) فَيُبَاعُ ذَلِكَ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَى قَدْرِ الْقِيمَتَيْنِ.
وَكَذَا لَوْ غَصَبَ زَيْتًا فَجَعَلَهُ صَابُونًا (وَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا) مِنْ ثَوْبٍ أَوْ صَبْغٍ أَوْ سَوِيقٍ أَوْ زَيْتٍ (فَالزِّيَادَةُ لِصَاحِبِهِ) يَخْتَصُّ بِهَا لِأَنَّ الزِّيَادَةَ تَبَعٌ لِلْأَصْلِ هَذَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ لِغُلُوِّ سِعْرٍ فَإِنْ حَصَلَتْ الزِّيَادَةُ بِالْعَمَلِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ مَا عَمِلَهُ الْغَاصِبُ فِي الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ لِمَالِكِهَا حَيْثُ كَانَ أَثَرًا وَزِيَادَةُ مَالِ الْغَاصِبِ لَهُ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى.
(وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا) أَيْ مَالِكُ الثَّوْبِ أَوْ الْغَاصِبِ (قَلْعَ الصِّبْغِ) مِنْ الثَّوْبِ (لَمْ يُجْبَرْ الْآخَرُ عَلَيْهِ) لِأَنَّ فِيهِ إتْلَافًا لِمِلْكِهِ (وَإِنْ أَرَادَ الْمَالِكُ) لِلثَّوْبِ (بَيْعَ الثَّوْبِ فَلَهُ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَهُوَ عَيْنٌ، وَصَبْغُهُ بَاقٍ لِلْغَاصِبِ (وَلَوْ أَبَى الْغَاصِبُ) بَيْعَ الثَّوْبِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ مَالِكُهُ لِأَنَّهُ لَا حَجْرَ لَهُ عَلَيْهِ فِي مِلْكِهِ.
(وَإِنْ أَرَادَ الْغَاصِبُ بَيْعَهُ) أَيْ الثَّوْبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute