(ضَمَانُهُ) دُونَ سَيِّدِهِ لِاسْتِقْلَالِهِ بِالْجِنَايَةِ.
(وَلَوْ أَمَرَهُ) أَيْ: الْحَافِرَ أَوْ الْبَانِيَ (السُّلْطَانُ بِفِعْلِ ذَلِكَ) أَيْ: بِالْحَفْرِ أَوْ الْبِنَاءِ (ضَمِنَ السُّلْطَانُ وَحْدَهُ) وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّ الْأَرْضَ مِلْكٌ لِغَيْرِ السُّلْطَانِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا تَسَعُهُ مُخَالَفَتُهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى ذَلِكَ.
(وَإِنْ فَعَلَ) إنْسَانٌ فِي طَرِيقٍ (مَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ لِنَفْعِ الطَّرِيق وَإِصْلَاحِهَا كَإِزَالَةِ الطِّينِ وَالْمَاءِ عَنْهَا وَتَنْقِيَتِهَا مِمَّا يَضُرُّ فِيهَا) كَقِشْرِ بِطِّيخٍ (وَحَفْرِ هَدَفَةٍ) أَيْ: رَبْوَةٍ عَالِيَةٍ (فِيهَا) أَيْ: الطَّرِيقِ بِحَيْثُ تُسَاوِي غَيْرَهَا (وَقَلْعِ حَجَرٍ) فِي الْأَرْضِ (يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ وَوَضْعِ الْحَصَى فِي حُفْرَةٍ فِيهَا) أَيْ: فِي الْأَرْضِ (لِيَمْلَأَهَا وَتَسْقِيفِ سَاقِيَةٍ فِيهَا وَوَضْعِ حَجَرٍ فِي طِينٍ فِيهَا لِيَطَأَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَهَذَا كُلُّهُ مُبَاحٌ لَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ إحْسَانٌ وَمَعْرُوفٌ.
(وَإِنْ بَسَطَ فِي مَسْجِدٍ حَصِيرًا أَوْ بَارِيَّةً) وَهِيَ الْحَصِيرُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ لَكِنْ فِي عُرْفِ الشَّامِّ مَا يُنْسَجُ مِنْ قَصَبٍ وَلَعَلَّهُ الْمُرَادُ هُنَا لِيَحْصُلَ التَّغَايُرُ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ (أَوْ) بَسَطَ فِي الْمَسْجِدِ (بِسَاطًا أَوْ عَلَّقَ فِيهِ قِنْدِيلًا أَوْ أَوْقَدَهُ أَوْ نَصَبَ فِيهِ) أَيْ: الْمَسْجِدِ (بَابًا أَوْ عُمُدًا أَوْ بَنَى جِدَارًا) يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَسْجِدُ (أَوْ سَقَّفَهُ أَوْ جَعَلَ فِيهِ رَفًّا وَنَحْوَهُ لِنَفْعِ النَّاسِ أَوْ وَضَعَ فِيهِ حَصًى لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ.
(وَإِنْ جَلَسَ) فِي مَسْجِدٍ أَوْ طَرِيقٍ وَاسِعٍ (أَوْ اضْطَجَعَ) فِي مَسْجِدٍ أَوْ طَرِيقٍ وَاسِعٍ (أَوْ قَامَ فِي مَسْجِدٍ أَوْ طَرِيقٍ وَاسِعٍ فَعَثَرَ بِهِ حَيَوَانٌ) فَتَلِفَ أَوْ نَقَصَ (لَمْ يَضْمَنْ) تَلَفَهُ وَلَا نَقْصَهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مُبَاحًا لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ عَلَى أَحَدٍ فِي مَكَان لَهُ فِيهِ حَقٌّ أَشْبَهَ مَا لَوْ فَعَلَهُ بِمِلْكِهِ وَيَضْمَنُ إنْ كَانَ الْفِعْلُ مُحَرَّمًا كَالْجُلُوسِ مَعَ الْحَيْضِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ مَعَ إضْرَارِ الْمَارَّةِ فِي الطَّرِيقِ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْحَارِثِيِّ: لَا ضَمَانَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ لَا لِذَاتِ الْجُلُوسِ بَلْ لِمَعْنًى قَارَنَهُ وَهُوَ الْجَنَابَةُ أَوْ الْحَيْضُ فَأَشْبَهَ مَنْ جَلَسَ بِمِلْكِهِ بَعْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ.
(وَيَضْمَنُ إنْ جَلَسَ أَوْ اضْطَجَعَ) أَوْ قَامَ (فِي طَرِيقٍ ضَيِّقٍ) لِإِضْرَارِهِ بِالْمَارَّةِ (وَيَأْتِي فِي الدِّيَاتِ) .
وَإِنْ أَحْدَثَ بِرْكَةً لِلْمَاءِ أَوْ كَنِيفًا أَوْ مُسْتَحَمًّا فَنَزَّ إلَى جِدَارِ جَارِهِ فَأَوْهَاهُ وَهَدَمَهُ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَسْبَابَ تَتَعَدَّى ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ وَالتَّلْخِيصِ قَالَا: وَلِلْجَارِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَبْنِيَ حَاجِزًا مُحَكَّمًا يَمْنَعُ النَّزَّ زَادَ ابْنُ عَقِيلٍ: أَوْ يَبْعُدُ بِحَيْثُ لَا يَتَعَدَّى النَّزُّ إلَى جِدَارِ جَارِهِ وَقَالَ أَيْضًا: الدَّقُّ الَّذِي يَهِدُّ الْجِدَارَ مَضْمُونُ السِّرَايَةِ؛ لِأَنَّهُ عُدْوَانٌ مَحْضٌ.
(وَإِنْ أَخْرَجَ) إنْسَانٌ (جَنَاحًا) وَهُوَ الرَّوْشَنُ (أَوْ مِيزَابًا وَنَحْوَهُ) كَسَابَاطٍ وَحَجَرٍ بَرَزَ بِهِ فِي الْبُنْيَانِ (إلَى طَرِيقٍ نَافِذٍ) مُطْلَقًا إلَّا بِإِذْنِ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ فِي جَنَاحٍ أَوْ سَابَاطٍ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute