عَلَيْهَا قَالَ: وَالْبَهِيمَةُ النَّزِقَةُ الَّتِي لَا تَنْضَبِطُ بِكَبْحٍ وَلَا نَحْوِهِ لَيْسَ لَهُ رُكُوبُهَا بِالْأَسْوَاقِ فَإِنْ رَكِبَ ضَمِنَ لِتَفْرِيطِهِ وَكَذَا الرَّمُوحُ وَالْعَضُوضُ.
(وَيَضْمَنُ رَبُّ الْبَهَائِمِ وَمُسْتَعِيرُهَا وَمُسْتَأْجِرُهَا وَمُسْتَوْدِعُهَا) قُلْت: وَقِيَاسُهُ مُرْتَهِنٌ وَأَجِيرٌ لِحِفْظِهَا وَمُوصًى لَهُ بِنَفْعِهَا (مَا أَفْسَدَتْ مِنْ زَرْعٍ وَشَجَرٍ وَغَيْرِهِمَا) كَثَوْبٍ خَرَقَتْهُ أَوْ مَضَغَتْهُ أَوْ وَطِئَتْ عَلَيْهِ وَنَحْوِهِ (لَيْلًا) لِمَا رَوَى مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةُ «أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ دَخَلَتْ حَائِطَ قَوْمٍ فَأَفْسَدَتْ فَقَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْأَمْوَالِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ وَمَا أَفْسَدَتْ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِمْ» قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَهُوَ مَشْهُورٌ وَحَدَّثَ بِهِ الْأَئِمَّةُ الثِّقَاتُ وَتَلَقَّاهُ فُقَهَاءُ الْحِجَازِ بِالْقَبُولِ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ مِنْ أَهْلِ الْمَوَاشِي إرْسَالُهَا نَهَارًا لِلرَّعْيِ وَحِفْظُهَا لَيْلًا وَعَادَةُ أَهْلِ الْحَوَائِطِ حِفْظُهَا نَهَارًا فَإِذَا أَفْسَدَتْ شَيْئًا لَيْلًا كَانَ مِنْ ضَمَانِ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ.
(وَإِنْ فَرَّطَ) فِي حِفْظِهَا (مِثْلَ مَا إذَا لَمْ يَضُمَّهَا وَنَحْوِهِ لَيْلًا أَوْ ضَمَّهَا بِحَيْثُ يُمْكِنُهَا الْخُرُوجُ فَإِنْ ضَمَّهَا) أَيْ: ضَمَّ الْبَهَائِمَ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ لَيْلًا (فَأَخْرَجَهَا غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ فَتَحَ) غَيْرُهُ (عَلَيْهَا بَابَهَا) فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا (فَالضَّمَانُ عَلَى مُخْرِجِهَا أَوْ فَاتِحِ بَابِهَا) ؛ لِأَنَّهُ السَّبَبُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ كَانَتْ بِيَدِهِ لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ.
(وَلَوْ كَانَ مَا أَتْلَفَتْهُ) الْبَهَائِمُ الْمُعَارَةُ وَنَحْوُهَا لَيْلًا (لِرَبِّهَا ضَمِنَهُ مُسْتَعِيرٌ وَنَحْوُهُ) كَمُسْتَأْجَرٍ وَمُسْتَوْدَعٍ إنْ فَرَّطَ (وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ رَبُّهَا وَنَحْوُهُ) كَمُسْتَأْجِرِهَا وَمُسْتَعِيرِهَا بِأَنْ ضَمَّهَا لَيْلًا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهَا الْخُرُوجُ فَخَرَجَتْ فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا (فَلَا ضَمَانَ) لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ.
(وَلَا يَضْمَنُ) رَبُّهَا وَمُسْتَعِيرُهَا وَنَحْوُهُ (مَا أَفْسَدَتْ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ زَرْعٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (نَهَارًا) لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ (إذَا لَمْ تَكُنْ يَدُ أَحَدٍ عَلَيْهَا سَوَاءٌ أَرْسَلَهَا بِقُرْبِ مَا تُفْسِدُهُ أَوْ لَا) لِعُمُومِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ قَالَ الْقَاضِي: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي فِيهَا مَزَارِعُ وَمَرَاعٍ فَأَمَّا الْقُرَى الْعَامِرَةُ الَّتِي لَا مَرْعَى فِيهَا إلَّا بَيْنَ مُرَاحِينَ كَسَاقِيَةٍ وَطُرُقِ زَرْعٍ فَلَيْسَ لَهُ إرْسَالُهَا بِغَيْرِ حَافِظٍ فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ لِتَفْرِيطِهِ.
(وَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا) أَيْ: الْبَهِيمَةِ (يَدٌ) كَقَائِدٍ (ضَمِنَ صَاحِبُ الْيَدِ) مَا أَفْسَدَتْ مِنْ زَرْعٍ وَشَجَرٍ وَغَيْرِهِمَا وَلَوْ نَهَارًا قَالَ الْحَارِثِيُّ: لَوْ جَرَتْ عَادَةُ بَعْضِ أَهْلِ (النَّوَاحِي بِرَبْطِهَا نَهَارًا وَإِرْسَالِهَا) لَيْلًا.
(وَحِفْظِ الزَّرْعِ لَيْلًا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ) أَيْ: إنَّهُ يَضْمَنُ رَبُّهَا وَنَحْوُهُ مَا أَفْسَدَتْ لَيْلًا إنْ فَرَّطَ لَا نَهَارًا (؛ لِأَنَّ هَذَا) الْعُرْفَ (نَادِرٌ فَلَا يُعْتَبَرُ بِهِ فِي التَّخْصِيصِ) أَيْ: تَخْصِيصُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute